العنف ذروة للحب:
العنف ذروة الحب جملة متناقضة لكن يمكن إثباتها؛ كل إنسان يحب نفسه حبا غريزيا أليس كذلك؟ والحيوان أيضا يحب نفسه غريزيا وبالتالي حبه لنفسه على الآخر يجعله يحاول أن يبقي نفسه فيكون عنيفا، كما أن حب الإنسان لشيء ما يجعله يرفض فكرة عدم وجوده و هذا ما يجعله عنيفا، لهذا فإن ذروة الحب تكمن في ذروة الحياة وذروة الحياة تكمن في الغريزة الجنسية التي من أجلها يصير الإنسان عنيفا في وجوديته، والجنس ممثل لشاكرا البقاء وأساس أن تكون أو لا تكون، لهذا العنف اتجاه شخص ما يدخل في عدم القدرة على الحياة بدونه، كهافت الناس اتجاه الغذاء والجنس والدين، فالعنف يعبر على حب الكائنات لأن تكون ورفضها المطلق للزوال، والحب غير العنيف هو في الحقيقة تسليم للفراق والعدم.
من أركان الحب نجد الاهتمام وهو من الجذر اللغوي هم من الهم والهمة والهامة وتعني قمّة وقامة وقيامة و ما يُقيم الإنسان، وتعني الذروة أيضا، ونسمي رأس الجبل هامته وهمته فهو حاد عنيف مقمم يرفض الوجود إلا لواحد؛
وهذا هو الحيوان المحب للحياة فيغار عليها أن يشاركه أحد إياها لأنها منتهى اهتمامه و سبب قيامه ولأجلها قام ولأجلها احتد، لذلك فالهمة تعني الإرادة والمهم هو الذي تريده
فالذي تريده بشدة تزيد حدة همتك نحوه، ومنه تصبح عنيفا كعنف القمة وحدتها وارتفاعها وغرورها عن الأسفل، والمهم هو أيضا ما يجعلك تصنف إرادة الحياة مثلا نقسم المهم بالترتيب إلى:
مهم جنسيا وبقائيا
مهم بطنيا واستمراريا
مهم شعوريا ونفسيا
مهم فكريا وروحيا
وهذه ذروات وقمم حادة من النشوة الوجودية يريد الإنسان الوصول لها، وهي محركات الإرادة الوجودية التي تجعل من الكائن مهما أو لديه مسعى مهم، لذلك فعنف القمة يكمن في أنها ترفض الكثرة فيتصارع الجميع لأجل البقاء فيها والكل يريد أخذ الحياة لنفسه فقط وهذا هو تبرير العنف ذورة الحب، وقد يبدو العنف حادا ومخيفا وذلك لأنه مهم وهام وقائم وهذه نفسها بعض من معاني العنف، نجد أيضا من اشتقاقات الجذر عنف العنفات وهي الشيء البادر عن السطح والحاد وكذلك نجد أعنف مكنون في الإنسان والوجود هو العقل لأنه ذورة جميع الذروات وجبل جميع الجبال ومهم كل المهمات.
أما الذي لا يرد أن يصير عنيفا فهو يمهد لكونه مادة يسلط عليها الآخرين عنفهم ويمكن تصنيف أي حركة على أنها عنف لأن الأطراف التي نراها هي قمم وهمم بارزة في سطح الجسد، فكل طرف في جسد الإنسان مهم ويريد التعبير عن عنفيته وعنفوانه وحتى الإنسان الذي لايحرك شيئا يقوم الزمن بتسليط العنف عليه فيموت، فالعنف هنا قائمٌ لأنه تعبيرٌ عن الأمور المهمة، لهذا فالإرادة هي الهمة والاهتمام، و منه الذي لا يهتم بشيء يعني أنه لا يريد شيئا لذلك فهو يتعرض للعنف (للحب) وهذا نوع من المازوخية على عكس ما نجده في السادية حيث يريد السادي أن يعبر عن حبه بالعنف، والمازوخية والسادية هما ذروات للحب فتمثل المازوخية القاع والسادية القمة.
- تقاسيم سيميائية لذروات الحب في جسد الذكر والأنثى:
في قراءة سيميائية لجسد الإنسان نجد أن عضو المرأة التناسلي هو قاع عكس الذكر الذي يعبر عضوه عن قمة، لهذا تجد الذكر يحاول ممارسة السادية من اهتمام مبالغ وعنف وإرادة... وفي الجانب الضدي نجد الأنثى لديها في المقابل قاع لتلك الذروة فهي تريد أن تختبر ذلك العنف والاهتمام...
ومن جانب آخر نجد بروزا لصدر المرأة وضمورا لصدر الرجل، فالرجل ليس له قاع ويمثل صدره سطحا أو ما نعبر عنه بالمستوى الفائق للحاضر بين مخروطي الزمن وهذا يعني أن صدر الرجل يرمز للاعتدال، ولما كان الصدر مركزا لشاكرا القلب فهذا يعني أن الرجل حيادي شعوريا، عكس المرأة التي تريد أن تكون عنيفة شعوريا على الرجل ونرى ذلك في القمم التي يمثلها بروز صدرها، وفي حالة خاصة نجد الذكر الذي يعاني من السمنة وله بروز على نحو غريب في الصدر يمتلك حساسية شعورية كالأنثى وهذه حالة خاصة من البروز.
يتشارك الذكر والأنثى في الأطراف الأربعة والخامس هو الرأس الذي يمثل قمة الأرباع وكل عضو بارز يعني أنه مهم وكل عضو غائر يبحث عن مهم لأنه لا يوجد شيء غير مهم بل يوجد نقص لاهتمام معين، فالفرج مثلا ليس غير مهم بل هو يبحث عن همة أو إرادة تملؤه كذروة تملأ القاع كي يحدث الحياد والتحييد بين القمة والقاع، والمشكل بين الذكر والأنثى ليس مشكلا عضويا أو جنسيا بل هو مشكل شعوري لأن الذكر حيادي شعوريا والأنثى لديها رغبة في العنف الشعوري.
إن كان شعور الأنثى يمثل قمة والذكر معتدل شعوريا أو محايد فهذا يعني أنه لا يوجد قاع يقابل قمة الأنثى الشعورية حتى تحيد شعورها، فلا يمكن تحييد مشاعرها شعوريا إلا إن قابلت من لديه قدرة كبيرة شعورية ومعنى هذا أنه يُعمل حواسه الأنثوية، لذلك يجب على الذكر أن يُعمل حواسه الأنثوية المتمثلة في السمع والبصر لأن الأنثى تريد أن يُسمع شعورها ويُبصر.
ونجد مظهرا بيولوجيا لهذا التحييد بين الرضيع وأمه، فالرضيع يحيد ثدي المرأة بامتصاص حليبها، كما نجد هذا الفعل عند البالغين كرغبة غير معلومة السبب بالنسبة لهم لكن في الحقيقة هي عملية تحييد للمشاعر لأن الفم يعتبر قاع والصدر قمة والتحييد يكون بين قاع وقمة.
- حواس الإنسان في تمثيلها للقمم والقيعان:
لماذا تتصف حاستي السمع والبصر بالرقي وتسمى بالحواس الراقية؟ سميت هذه الحواس بالحواس الراقية لأنها ليست جارحة ولا تفعل شيئا فهي حواس مستقبلة فقط وهذا يعني أنها تمثيل لقيعان وليست قمما أو ذروات، أما اللمس فهو حيادي لأنه يمثل السطح، وبقية الحواس هي مريدة وكل مريد يريد أن يكون مهمّا فالصوت يريد أن يسمع والصورة أن ترى... بالنسبة للسمع والبصر إن أسقطنا عليهما معيار المهم وغير المهم، أو المريد وغير المريد نجد أنهما حواس لا تريد؛ حيث أنها ترى ما هو موجود فقط وكذلك الأمر بالنسبة للسمع...في الفراسة (وهذه فراسة خاصة بي) عادة تكون العينين غائرتين ولا توجد عينين بارزتين إلا قليلا والذي عنده عينين خارجتين أو ظاهرتين تجده يريد أن يرى أمورا محددة ورؤيته غير مكتفية بالتفرج فقط كأنه يرى ما يريد أو يحاول أن يُثبِّت ما يريد، قد يكون هذا أيضا تعبيرا عن الشخص المعيان أي الذي يحسد بعينه لأن عينيه خارجتان، وقد تكون تعبيرا عن رؤية شاملة أو شمولية، والرؤية الشمولية تقتضي إرادتك الحصول على كل ما يملكه الناس.
لذلك الذين شاهدوا الحروب ووقائعها شاهدوا ما لا يريدون أن يروه وتعرضت أعينهم لنوع من الغوار فدخلت وأصبحت قيعان، فصاروا يستقبلون سمعا وبصرا كل شيء حقا وحقيقة، وهذا يعني أنهم لا يتدخلون فيما يرون، وكل الجسد سيميائيا قبل وبعد الحرب يصبح عنده جنون الارتياب لأن سمعه أصبح دقيقا جدا لدرجة أنه يسمع أمورا جد خافتة، وهذا يفسر كون البكماء أكثر عنفا من غيرهم، وهذا راجع لفقدانهم أحد حواسهم وبتعبير آخر أحد مكونات الإستقبال عندهم قد اندثرت لهذا تجدهم جد جموحين فيما يتعلق برغباتهم.