التجربة الذاتية الخاصة بك، دعك من الاعتمادية والاتكالية على الرسالات الروحية للآخرين
مقدمة:
يتساءل البعض إن كان بالإمكان أن نكتفي بجمع المعارف النظرية في طريق الرحلة الروحية للحصول على الإجابات والوصول إلى الحقيقة، والحقيقة أنه لا ينبغي لك أن تأخذ كلام أحد وتلزم به نفسك فذلك ناتج عن تجربته الخاصة وأنت لك حق الاختيار، ومسألة الاختيار تقتضي الدخول في التجربة هناك من يظن أنه غير مسؤول عن معرفة الحقائق ويكتفي بالمراقبة والاستماع وينتظر من الآخرين سواء كانوا عارفين أو معلمين ومرشدين أن يقدموا له الحقيقة التي وصلوا إليها كمادة موضوعية في جملة واحدة واضحة فيرتاح من البحث والشتات، وهذا الأمر لن يغنيه من شيء فلن تستطيع الاختيار والاقتناع باختيارك دون التجربة ولا يمكن إجابتك على أسئلة مثل: كيف اتصل بالمصدر؟ كيف أصل إلى الحقيقة؟...لأنه وجب عليك الوصول إلى ذلك بتجربتك الخاصة، لهذا لا أفصل في بعض القضايا التي أطرحها ولا أبدي رأيي الخاص فيها أو أقول أن هذه هي الحقيقة وعليكم الأخذ بها، وهذا راجع لاحترامي لحق الناس في الاختيار كما منحه الله لهم، وإنما تكمن مساعدتي في تقديم مختلف الآراء المطروحة وتبسيطها حول تلك المواضيع بطريقة موضوعية حتى أقدم رؤية شاملة تختصر لكم بعضا من الطريق لتتمكنوا من الاختيار، وفي مايلي إجابات للأسئلة المطروحة ضمن هذا الموضوع.
- س1: ما هي الإصابة الروحية؟
ج: أولا وجب التنويه أن مصطلح الإصابة الروحية بعيد عن الدقة لأن الروح هي جوهر أو ملكة تجريدية، وهي متحررة من القيود الطبيعية فهي ليست كيان مادي أو طبيعي حتى تصاب وتمرض أو تصح...إنما الإصابة هنا ترجع إلى الجانب النفسي؛ وهنا تسمى إصابة نفسية لا روحية وهي عبارة عن إصابات جسدية نفسية أو عصبية تفسد وتعيق تواصلك مع الروح.
- س2: ما رأيك في أن الروح لا تمرض لكن تتأثر هناك جسد وروح، وما يسميه الناس بالنفس هو الروح، وعلم النفس خزعبلات غرضه إبعاد الناس عن ماهية الروح؟
ج: الروح لا تمرض ولا تتأثر بسبب طبيعتها كما وضحنا والتأثر هنا يعود على النفس، فنفسك هي من تتأثر من غياب تماسها مع الروح هذه القراءة من وجهة نظري أفضل.
-س3: هل يمكن التواصل بين توأم الشعلة أثيريا وإن تم ذلك هل يدرك الطرف الآخر ذلك؟
ج: يحدث التواصل بين توأم الشعلة ويدرك الطرف الآخر هذا التواصل، ويرجع ذلك للحبل الأثيري الرابط بينهما.
- س4: هل يوجد أي خطر في الإسقاط النجمي أو الاطلاع على السجلات الأكاشية؟
ج: هناك خطر في ذلك لأن محفز سجلات الأكاشية هو تجربة الاقتراب من الموت سواء المجازية أو الكيميائية، والذهاب إلى الموت ليس ذهابا حقيقيا بل هو الذهاب إلى الوسط كأن نحدد نقطتين الأولى تمثل الحياة والثانية الموت، عندما تذهب للموت أنت في الحقيقة تذهب إلى المنتصف، أيضا عندما تتجه نحو نقطة الموت وتلتزم بشروط الاطلاع على السجلات الأكاشية ستذهب إلى بعد غير معروف بالنسبة لك وستخرج عن كل ما اعتقدت أنه أنت وستتغير الكثير من الأمور في نفسك وجسدك وتكمن الخطورة في هذا المجهول الذي تتوجه إليه، لأن الحالة التي ستصل إليها غير معروفة بالنسبة لك ولجسدك.
- س5: ما هي نصيحتك لإنسان اكتشف انه سوبر إمباث أو هيوكا؟
ج: نصيحتي لهؤلاء هي الانزواء الذاتي لا تعتبر أي شيء خارجي عنك هو ذاتك، ولا تتفاعل بجدية مع الواقع لأن تعاملك معه بجدية يعود عليك بالسلب، الواقع مزيج بين الجدية والمزح والهزلية وإن تعاملت معه بجدية تامة كأنك تقامر بذاتك لهذا وجب اللجوء إلى العزلة الداخلية، وتعلم عدم الاستغراق في تحليلاتك وتعاطفاتك وتضامناتك مع الآخرين، إن النظام يقتضي أن تتعامل الأجساد مع الأجساد والأنفس مع الأنفس والأرواح مع الأرواح لهذا وجب عليك الفصل وفق هذا النظام حتى لا تستغرق بروحك مع الأجساد ويحصل نوع من عدم التواصل، ولا يمكن للأنفس الخارجية أيضا فهم ما تقوله الأرواح فالأرواح تتعاطى مع الأرواح، الاستغراق في التعاطف والتفاعل يجعلك تقع في فخ المنقذ، ويجب عليك عدم الوقوع فيه فأنت لم تأتي لهذه الحياة لتلعب دور البطل وتنقذ الآخرين، أنت وُجدت في هذه الحياة كي تصل إلى اكتفائك الذاتي أي التشبع والامتلاء الذي يأخذك من النقص إلى الكمال، من الطين إلى الملكوتية.
س6: إن كان الدافع للإنقاذ هو حب الآخر وقد بينت أنه لا يجب أن أكون المنقذ، كيف أحب وأعبر عن حبي وما هو دور الحب؟
ج: لايوجد حب أصدق من حب الإنسان لذاته ولعبك لدور المنقذ أو الضحية هو تشوه في حبك لذاتك فمن يحب ذاته بطريقة صحية ينعكس ذلك على حبه للآخرين بطريقة صحية أيضا، فيقدم للجاهز والصادق لكن دون اللجوء إلى لعب دور البطل المغوار الذي يضحي بنفسه من أجل الآخر،
الحب الحقيقي هو أن يحب الإنسان نفسه بالطريقة التي تمكنه من إحباب الآخرين، بحيث ينعكس حبه لذاته على حب ذوات الآخرين وهذا هو الميزان في الحب.
كل فلسفة روحية قائمة على التوزان بين الأنا والآخر، بين العقل والقلب بين الحياة والموت... لهذا أن تمشي في هذه الحياة باعتقاد منك أنه يجب عليك أن تضحي أو لا يجب عليك أن تضحي هو تطرف وخروح عن التوازن المنشود وليس حبا حقيقيا، وحتى لو ضحيت وجلدت وصلبت نفسك من أجل الآخر بدافع التضحية والخيرية فأنت وفق معيار الغاية الحقيقية لوجودك منهزم ومنسحب وهارب لأنك اخترت الفناء على البقاء وهذه قراءة واحدة لهذا الفعل من ضمن الكثير من القراءات التي تفسره.
ولا يجب على الإنسان أن يلعب دورا متطرف سواء بالعطاء المبالغ أو الامتناع المبالغ، لأن غايته هي الإشباع والكمال وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالتكامل مع الآخر.
- س7: ماهو التكامل مع الآخر وكيف يحدث؟
ج: التكامل مع الآخر هو عملية لسد النقص والفراغات والعيوب مما يمكننا من الارتفاع إلى الحالة الملكوتية، إذا تكاملنا أنا وأنت نستطيع إشباع نزعاتنا كنزعة المعرفة أو الرغبة بحيث تملأ كل النزعات داخلنا فيختفي الشعور بالنقص ويخرج الإنسان من هذه العقدة إلى الكمال لحصول تكامل له مع الآخر ما عدى ذلك سيذهب إلى جحيم العذاب.
لتوضيح كيفية حدوث التكامل نقدم المثال التالي:
مثلا أنت شخص غير جاهز للصحوة الروحية، وأردت أنا أن أنقذك من سباتك ولعبت دور المنقذ لك رغم عدم توفر الشروط فيك سأتألم من رفضك المستمر لمحاولاتي الشديدة لإنقاذك وهذا نوع من العذاب، لكن لو وصلنا لحالة من التكامل بحيث تكون هناك رغبة منك في الصحوة الروحية وتظهر عليك إشارات وجود هذا الشيء فيك، هنا قيامي بدور المنقذ في هذه الحالة هو نوع من التكامل بيننا فأنت لديك الرغبة وأنا عندي القدرة مما يحدث الإشباع لرغباتنا ويرفعنا عن النقص.
- س8: كيف يمكننا إفادة المحيطين بنا من أهل وأقارب وإقناعهم بجمالية وضرورة هذه الرحلة الروحية؟
ج: يمكن إقناعهم في حالة واحدة فقط حيث يتوفر فيها شرطان أساسيان هما الثقة والإيمان؛ لأنه أمر لا يمكنك الاخبار عنه وتقديم حجج لتقنع غيرك به لأنه غير مادي.
نفترض أنك تريد أن تعلم أحدا صفة الحلاوة وهو لم يتذوق شيئا حلوا في حياته هو لن يستطيع أن يدرك معنى الحلاوة وأنت لن تسطيع شرحها أو الاخبار عنها إلا من خلال جعله يجربها لأنها صفة أولية تكتسب من خلال التجربة، ولكي يجرب هذا الشخص الحلاوة ويختبر مفهومها ويقدم على تذوق هذا الشيء المجهول كالسكر مثلا عليه أن يثق ويؤمن أنك صادق معه وتقوده للخير وليست هناك احتمالية لإلحاق الضرر به هنا فقط يستطيع تجريب المجهول و تستطيع أنت أن تخبره بعد التذوق أن هذه هي صفة الحلاوة، كذلك الأمر بالنسبة للرحلة الروحية لن يمكنك اخباره عنها إلا من خلال تجربتها ولن يجربها ويخوض فيها إلا إن كان واثقا مؤمنا بصدقك معه ورغبتك لإيصاله للخير وأنه عندما يصل لن يُخذل، وأنت لن تستطيع إنقاذ شخص لا يؤمن ولا يثق بك.
- س9: كيف نميز الحب الحقيقي من الحب الزائف؟
ج: التمييز بينهما يكون وفق معيار الذات، الشيء الذي لا يعزز ولا يبني الذاتية فيك هو شيء شيطاني، لهذا الحب الذي يعزز ذاتك هو حب حقيقي أو صحي، والحب الذي يهدم ذاتك ويفنيها هو حب غير حقيقي أو مشوه.
واتخاذ الذات كمعيار لكونها منبع كل الأسماء من حب وحكمة وعلم...فبحضورها لا يوجد حديث عن اسم معين لأنها تجمعهم كلهم، لهذا الحب الذي يفني ذاتك ويطمسها هو حب باطل شيطاني كبحثك عن المال أو الحب لدرجة فقدان ذاتك هو وقوع في شرك الشيطان، وكل حب يراعي الذات ويعطيها قيمتها وعزتها وباقي أسمائها هو حب حقيقي وهذا ما يجب أن لا تتخلى عنه سواء في حبيب أو أي شيء يمثل لك هذا الحب.
الإنسان الذي يحب ذاته يستطيع أن بحب أي شخص، والإنسان الذي ليس في علاقة سوية مع ذاته ويجلد ذاته بأنواع الاعتقادات كالتضحية لن يقيم أي علاقة صحية مع غيره لأن الإنسان ينطلق من داخله لا من خارجه، الظروف الخارجية تبين وتكشف عن المعدن لكنها لا تصنع ولا تخلق خلقا من العدم ولا يمكن لها ذلك فالإنسان يظهر ما في باطنه، لهذا على الإنسان إعادة إصلاح علاقته مع الذات
فيميز ما يخدم الذات وما لا يخدمها ما يتناغم مع الذات وما لا يتناغم معها.
- س10: لماذا نعاني في الحب؟
ج: الذين يعانون من الحب هم داخلون تحت ما أطلقت عليه الحب الباطل أو الشيطاني وهو حب غير حقيقي، لأن الحب الذي لا يخدم الذات ويتسبب في فنائها وعذابها ليس بحب وهذا نضج ستصل إليه عندما تخرج من ولهان الحب واعتقادك أنه هو كل شيء في الحياة، فلا الحب ولا السلطة ولا الحكمة هي كل الشيء لأن الذات من تمثل كل الأسماء وبها قامت، الذات الإلهية كمثال علوي ثم الذات الإنسانية كذلت جزئية.
- س11: إن كانت الذاتية تقتضي التركيز على الذات فما الفرق بينها وبين الأنانية؟
ج: الأنانية تفضي إلى الاعتماد على الآخر واستنزافه من أجل تحقيق غايتك، أما الذاتية فهي تقتضي قيامك بذاتك وعدم الاعتماد على الآخر عكس الأنانية والنرجسية التي تستهدف الآخر واستغلاله من أجل خدمة الذات، وهذا لا يعني عدم تقبلك لمساعدة الآخر لك أو عدم الاعتماد عليه بل يكون هذا الاعتماد مؤقتا حتى تستطيع الاعتماد على نفسك ولا تكون اتكاليا على الآخرين وهذا هو الكمال؛ لأن النقص هو اتكالية على الآخر في مشاعره ومادته وغيرها من الأمور... وهذا النقص الذي يعيشه البشر في مختلف المجالات هو تمثيل للوهم والظلام، والكمال يقتضي عدم الاتكالية على الآخر والاعتماد على الذات بحيث تجعل من هذه الأسماء تكشف عن الذات ولا تفنيها تبنيها ولا تهدمها بسبب التطرف في السعي وراء تحقيق اسم بعينه.
- س 12: كيف تعرف الأمور وتميز بين الصحيح والخطأ؟
ج: تميز بين الصحيح والخطأ بالاحتكام إلى الذات أنت مخلوق على صورة الإله واجتمعت فيك أسماؤه، وما يخدم ذاتك ويعززها هو في الحقيقة يعزز الذات الإلهية، وما يتناغم مع ذاتك هو المطلوب والمراد الإلهي، من يريد أن يعرف رسالته الروحية عليه بالبحث عن ما يتناغم مع ذاته.
مصطلح التوافق والتناغم والتكامل يحملون نفس المعنى لكي تتكامل مع الكون ومع الآخر يجب أن تتصرف بذاتية وتلقائية ليس بايعاز أو أمرية، على البشر أن يخرجوا من سلطة الأمرية إلى التلقائية هذه هي الإرادة الإلهية، فما فائدة أن يخلق الإله كائنا يتصرف بالأمرية والإيعاز، لا فائدة من ذلك لأنه خلقك كي تتصرف من تلقاء ذاتك، الذي يتصرف بالايعاز وينتظر أوامر الآخرين ليتحرك لا فرق بينه وبين الحجر المفعول به، في حين أن كنه الاستخلاف يدعو الإنسان للتصرف بفاعلية فهو الفاعل وهو المسؤول وهذا يأخذنا إلى موضوع الذاتية ومنه إلى التلقائية.
هذه الذاتية لا يمكن شرحها أو شرح أن الإنسان يتصرف بروحه لأن الذاتية غير موجودة في الطبيعية سواء على مستوى الحيوانات أو النباتات أو الجماد، وما يمكن فعله هو مرافقتك في الرحلة الروحية وعندما تصل إلى المكاشفات الروحية أقول لك هذه هي المكاشفات وتلك هي ذاتك لأني قد رأيتها من قبل واختبرتها، غير ذلك لن استطيع افهامك الأمور الأولية التي تكتسب بالملاحظة والتجربة.
على الإنسان أن لا يتصرف بأنماط موضوعة سلفا؛ مثلا أن يعتقد بأنه في علاقة توام الشعلة أو صحوة روحية و يجب أن يتصرف وفقا لهذه الأنماط فيسأل في كل مكان ماذا أفعل وكيف أصل وكيف أتصرف ليفعل مثلهم، السؤال جيد لكن ليس إلى الحد الذي يفني ذاتيتك وتلقائيتك نتفق جميعا في التجربة العامة لكن لكل تجربته الخاصة استفد من تجارب الآخرين لكن لا تقلدها بل خض تجربتك الخاصة وفق ما يتناسب مع ذاتك كما أنك لن تستطيع فهم الأمر إن لم تجربه بنفسك، لكن عندما تقول لأحدهم تصرف وفقا لذاتك بتلقائية لا يستطيع تقبل ذلك، وإن رآك تتصرف من تلقاء ذاتك حاول نسبك إلى مجموعة معينة لأنه تعود على العبودية والانتماءات ولا يفهم القدرة على التصرف من تلقاء ذاته والمصدر المكنون فيه.
مرحباً...
ردحذففي ج١ قلت: أن الإصابات النفسية والعصبية تعيق التواصل مع الروح. لكن من خلال تجربتي الشخصية فقد بدأت رحلتي بالتزامن مع هكذا إصابات بالإضافة للاقتراب من الموت. ألا تكون هذه الأمور في هذه الحالة ساهمت في الاتصال؟
سلام، ليست هذه الإصابات بالضبط من ساهمت فالإتصال بل إن محاولة نفسك تجاوزها بالسلامة النفسية و المناعة العصبية هي من تجعل نفس الانسان أقوى ومنه اتصال مع الروح اقوى لأنها في حرب مستمرة، كحرب أهلية استطاعت الدولة الحفاظ على نظامها وكذلك، خذيها قاعدة الاضطراب قد يستدعي حاجة الانسان للضبط و الروح و انما ليس الاضطراب بعينه هو المساهم فنقول مساهمة عكسية كلما اصبت كلما زادت الحاجة للسلامة الروحية، بالنوفيق
حذف