الوعي السامي -البعد الأعلى- و فيروسات النظام الإلهي، آلية الإنتقال بين الأبعاد

Akada Toureia
0

 بث المصدر الأصلي، الاسم الأعظم ووعي المسيح، الحقيقة الإنسانية الكاملة، الوهم الشيطاني، ما لانهاية

- البرمجة ووعي المسيح: 

المصفوفة عبارة عن برمجات مختلفة وكل واحدة تعبر عن برنامج فريد، ويقصد بالبرمجة الانطلاق من مقدمات أو مدخلات محددة نحو نتائج أو مخرجات معينة متناغمة معها، وأي خروج عن هذا التسلسل المنطقي يؤدي إلى خلل والخلل في البرمجة يعبر عن وجود فيروس يعطل النظام وهو ما يعرف في المصفوفة بالشيطان، وبتعبير آخر الشيطان أو الفيروس هو تعبير عن الخروج عن قوانين أو منطق المصفوفة، والمنطق هنا لا يعني الرؤية الشخصية أو الشاذة  لأمر ما على أنه منطقي فتنفرد به في حين تخالف فيه الأغلبية، فالمنطق يعبر عن آلية مشتركة يجتمع عليها الجميع ويتقبلونها كونها عاكسة للفطرة السليمة والنسق الذي يتشاركه كل إنسان مع اخيه الإنسان.

كل شيء منطقي هو إلهي وكذلك البرمجات المنطقية هي برمجات إلهية، لهذا قلنا أن الخروج عن المصفوفة ليس هو الحل بل يجب أن ترتقي أو تُرقي البرمجة للوصول إلى البرمجة الأولى أو المنطق الأول فهو يمثل مصدر البرمجة الأصلية للإنسان ومن وصل إليها وصل إلى الوعي الأسمى أو وعي المسيح.

وعي المسيح هو تعبير عن وعي سامي جوهري وقد عُبر عنه في مختلف الثقافات بمصطلحات مختلفة نذكر منها: الكلمة - الإنسان الكامل أو آدم الملكوتي - الاسم الأعظم - كن فيكون...والمقصود بالاسم الأعظم أو وعي المسيح المنطق العام الذي يُوحد أي مقدمة بنتيجتها، فالنتيجة يجب أن تكون متناغمة مع مقدماتها وأسبابها فإن حصل هذا التناغم نقول أن الاسم الذي فعل هذا هو موحد أو متناغم، وهذا الاسم أيضا  يمثل المصفوفة الأم أو القانون الأصلي الذي نتج عنه الفيض الإلهي الأول ومنه اشتقت باقي القوانين وهو مثال للأسماء الإلهية في جملتها وكمالها

- الخلق:

الخلق في العالم لم يحصل من المصدر مباشرة، حيث يعتبر الاسم الأعظم أو المنطق العام والقانون الأول الواسطة بين المصدر والخلق، وهو الفيض الأول الذي اشتقت منه باقي الأبعاد، فمثلا أنت لست مخلوق مباشرة من المصدر الأول بل أنت نتاج اشتقاق من الاسم الأعظم في سلسة غير متناهية فأنت نتاج علاقة بين والديك ووالديك نتاج للعلاقة بين والديهم وهكذا...

وهذا مصداق القول بأن المصدر لا يتفاعل معنا والذي يقول عكس هذا کأنه يقول أن الذات الإلهية تتفاعل مع الخلق، والذات الإلهية لا تتفاعل كونها تحمل صفات الذاتية من عزة وعلو وتنزيه وقداسة التي تفصلها عن الخلق والتعامل مع الموجودات، ومنه فالذي يتعامل معك هو وكيل المصدر أو الرب الأعلى، وقد تم التعبير عن هذا مثلا في المسيحية بالابن الذي هو وكيل للأب النوراني الأول أو الأب السماوي حيث أنه في يوم الدينونة لن يحاسبك المصدر بل يحاسبك مصدرك الذي هو المسيح كونه الوحدة أو الابن أو الاسم الأعظم الذي منه أتى خلقك، ونجد هذا المفهوم أيضا في نظرية الإنسان الكامل عند الصوفية؛ فالإنسان الكامل أو الحقيقة الإنسانية أو آدم الملكوتي هو أول ما فاض عن الله  وعن طريق نور هذا الإنسان الكامل تم خلق السموات والأرض والبشر، كما أنهم يقولون أن الرسل جميعهم مشتقون من هذه الحقيقة الإنسانية الكاملة.

- الاشتقاق والأبعاد:

لما قلنا أن أول ما صدر عن المصدر الأول هو الوعي السامي أو الفيض الإلهي الكامل فهذا يعني أن هذا الوعي السامي هو البعد الأول أو بعد الوحدة الذي فاضت عنه باقي الأبعاد؛ فكل فيض بعد الواحد هو مجموع الواحد أو الوحدة الأولية أو كما سميتها وحدة الكمال،  فالرقم 2 مثلا هو عبارة عن 1+1 وهكذا مع باقي الأرقام، وقولنا بأن البعد الأول سابق للثاني لا يعني سبقا زمنيا بل هو سبق تراتبي ففي الثلاثة أبعاد الأولى لا وجود للزمن لأن الزمن هو البعد الرابع، وإن كان الاسم الأعظم هو الواسطة في الخلق فنحن إذا مشتقون من البعد الأول أو الفيض الكامل وليس من الذات الإلهية، فالذات الإلهية المحجوبة وغير القابلة للتعريف يمكن وصفها على سبيل التقريب بالصفر لكونه يعبر في الرياضيات عن حالة عدم التعيين، وبالصفر يتم تعيين كل شيء لأنه هو المتوسط في سلم الأعداد وتحدد الأعداد بالنسبة إليه فالواحد مثلا هو البعد عن الصفر بمقدار وحدة والاثنان بُعدٌ بمقدار وحدتين عن الصفر وهكذا.

ولما كان صدور كل شيء من البعد الأول فإن دعاة الأبعاد والابتعاد مخطئون ببعدهم عن المصدر فلماذا يختارون البعد عن القرب ويدعون إلى البعد الخامس والسادس اللذان يمثلان أبعاد مشتقة عن البعد الأول الأصلي وبعيدة عنه، والشيطان  في هذه الحالة هو كل مبتعد عن الصفر وهو رمز اللانهاية سواء الموجبة أو السالبة فهو البعد اللانهائي عن المصدر.

- هل الشيطان مخلوق من المصدر؟

قلنا أن الخلق لم يحصل من المصدر الأول فهو لا يخلق وبالتالي لا ينبع منه النقص والشر، فكيف ننسب الشر والنقص وخلق الشيطان إلى الإله لأن هذا القول إن حاكمناه منطقيا يفضي إلى أن الذي خلق الغواية والنقص هو غاوي وناقص أيضا ومادام خلق الشيطان بشيطنته فقد حرضه بفطرته أن يغويك وبالتالي أنت بريء وإلهك هو الذي أغواك وهذه معضلة كبيرة للذين يقرون بأن المصدر الأول هو من خلق الشيطان.

الشيطان ليس من المصدر بل هو نتاج الفيض أو الاشتقاق المستمر الذي بسبب كثرة التجزيء والإشتقاق يوهم أنه ليس هناك قانون عام يحكم كل شيء؛ ففكرة الشيطنة تعني الانحراف عن القانون العام وصولا إلى إنكار وجوده، وكلما ابتعدنا عن الدالة الأصلية ينحرف بنا الاشتقاق إلى أبعاد مشتقة وبعيدا جدا عن الأصل فلاتؤمن بوجوده وترفضه، وهذه هي الحقيقة فالشيطان ليس مخلوق بل هو طارئ وظرف طرأ عن الفيض المستمر ولا يمكن نسبه إلى الأصل لأنه نتاج كثرة الاشتقاق

 أما ما جاء في الروايات الدينية وكذلك الخيالية فيجب الأخذ بجوهره ومقصده دون  ظاهره السردي ويكفي أن تأخذ من هذه الروايات ما ينفعك دون الدخول في دراما الحدث فتفتتن بمظهر الحكاية.



إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)