الماسونية و المسيح المخلص| بناء الجنة على الأرض و الكابالا| هل الشيطان أوحى الكتب المقدسة ؟
إن الماسونية و جميع أشكال الحركات الباطنية السرية في جميع الأديان هم أخوات بالرضاعة، رضعوا من ثدي الكابالية و الهرمسية
الماسونية كتنظيم: حراس الهيكل و الصهيونية
نتكلم اليوم عن الماسونية، ما يعلمه الناس أن الماسونية ككلمة هي من الكلمة الفرنسية Maçon، لأن البذرة الأولية لها انطلقت هناك نتيجة انسحاب فرسان الهيكل إلى فرنسا بعد انتهاء الحملات الصليبية و زيادة المد الإسلامي على الامبراطورية البيزنطية الشرقية، هذا يدفعنا للبحث في موضوعين إثنين، من هم فرسان الهيكل؟ و ما هي الماسونية؟
فرسان الهيكل هم جماعة باطنية منظمة ومسلحة تكونت كرد فعل تجاه الصراع الإسلامي الصليبي، كنوع من حماية الحجاج المسيحيين الذين يحجون إلى القدس، لكنها و في إطار تبلورها اكتسبت كثيرا من العقائد الغنوصية و الكبالية و اليهودية وخاصة بعد استيلائهم على المعرفة السرية للمصريين القدماء، إن فرسان الهيكل قد تحججوا بالسير في طريق المسيح ليستطيعوا السيطرة على الأرض المقدسة أي القدس وما جاورها، كانت لهم قلاع خاصة و أخرى جبلية يصعب الوصول لها لوعورة التضاريس، لذلك قاوم فرسان الهيكل كلا من الخلافة العباسية أو الإمارات المتناثرة على جوار فلسطين.
إن فرسان الهيكل أو المعبد نسبة إلى معبد سليمان، فهم قد اكتسبوا الكثير من العقائد الكبالية حيث أن الهيكل هو نظام روحاني و بشري عن طريقه حكم سليمان أرض الإله التي هي من حدود فارس حتى حدود ليبيا أو من حدود النهرين من النيل للفرات كما تعرف حاليا باسم إسرائيل الكبري و نعرف هذا في العلم الإسرائيلي نجد خطين أزرقين كرمزية للنهرين و النجمة السداسية التي لها كثير من الدلالات الغنوصية و الكبالية، إن هذا كله يدفعنا إلى موضوع آخر وهو الصهيونية، التي هي حركة تم انشائها في نهاية القرن التاسع عشر كان هدفها ردع و تقسيم آخر الخلافات الإسلامية التي هي الدولة العثمانية، و تدعوا إلى هجرة اليهود إلى فلسطين حيث أن صهيون هو جبل يرمز للخلاص المسيحي و إنما مسيح اليهود.
إن الماسونية هي الوريثة الشرعية لفرسان الهيكل حيث بعد انهيار التنظيم بسبب ظروف سياسية لا تعنينا بالضبط تكونت خلية هي من ساهمت بنقل العلوم و المعارف السرية و البذرة التي تحصل عليها فرسان الهيكل أثناء مكوثهم في الشرق، إن المعلومات التي تتعلق بأماكن تحركهم و استقراره متناثرة هنا و هناك، من فرنسا إلى إنجلترا ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية هي النموذج الماسوني الحضاري الأولي، و سنأتي بعد قليل لتبيان الفكر الماسوني و تداخله مع الحركات الباطنية السرية في الاسلام و المسيحية و اليهودية.
الماسونية كفكر وعقيدة: إخوان الصفا و خلان الوفا، الحركات الباطنية السرية و بناء المدينة الفاضلة
إن الماسونية تعني البناء أو بناء الإنسان كما بنى المهندس الأول هذا الكون، ثم بناء المجتمع الأخوي الذي يتبع تعاليم المهندس، إن هذا أشبه ما يكون بجماعة إخوان الصفا و خلان الوفا التي تكلمنا عنها في سلسلة سابقة، التي هي حركة سرية تنسب للإسلام قبل ألف عام في لب الخلافة العباسية، قامت على نفس الأفكار الباطنية.
فكرة وحدة الوجود و حلول الإله في المادة، أن المادة أزلية كأزلية الإله و أن الألوهية هي درجة عليا في صفاء المادة، و أن الروح شكل من أشكال الأزلية المادية، إن جماعة إخوان الصفا في هيكليتها الائمة على أربع مراتب، تتشابه مع تنظيم الماسونية التي تم انشائها في بعد كما قلنا كوسيلة لحماية المعرفة الباطنية و تطبيقها لبناء دولتهم الالهية
ان سبب قولنا بتشابه إخوان الصفاء مع الأفكار الماسونية، بسبب أن جملة الحركات السرية إبان الخلافة العباسية كانت سليلة المذهب الإسماعيلي الشيعي الذي يفتي بشيطنة الدولة لا تحكم من طرف الإمام القائم حيث فكرة المهدية التي هي امام الزمان هي فكرة كابالية هرمسية تقضي بالتبشير بمخلص تحل فيه الألوهية، و كذلك فعل الحشاشون تحت امرأة شيخ الجبل حسن الصباح.
أن العوام من الناس لا يدركون توغل الفكر الماسوني حتى في أساسات تعبادتهم، فكل أنماط استبدال ما يعرف بالقانون الالهي بالقانون الوضعي هي خطط ماسونية، لأن العقيدة الكابالية قائمة على نفي الوحي خارج مادة الإنسان و بالطبع بما أنهم يؤمنون بحلول الالوهية كما يؤمن الشيعة الباطنية و كل باطنية في أي فرقة، فالكتب المقدسة في نظر الحركات الباطنية هي مجرد كتب للعوام أما الوحي الحقيقي فيكون فرديا لكل انسان بعد أن يدخل في صراط الرحلة الباطنية، فالقوانين التشريعية الوضعية التي أتت إما بالديموقراطية و إما بالنخبوية أو الأرستقراطية، هي سبيل هذه الحركات لإنشاء دولتهم التي ينشئها الإنسان انتظارا لمجيء المخلص، فيعبرون قيام الهيكل أو الهرم الذي هو المدينة الفاضلة بالنسبة لهم، حيث تسود تعاليمهم.
بناء الجنة على الأرض و علوم الطاقة و نفي النبوات و الكتب المقدسة
إن المؤمنون بهذه التعاليم لا يعتقدون أبدا بالنبوات لأن النبوة عندهم هي درجة عادية تعطى للداعي في درجة الاستاذ للذي يدعو لتعاليمهم، أما أعلى المراتب في الاستاذية العظمى هي حلول الالوهية فيه وهذا حاصل في تاريخ الدولة الفاطمية لو أردت الإطلاع أكثر " الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله"، وهذا في نظر الشرائع الدينية زندقة محضة و كفرا صريحا فرعونيا و سامريا، لذلك تعتبر الشرائع الدينية المحافظة الكلاسيكية أن المخلص في هذه الحركات السرية هو المسيح الدجال الذي يعد بالجنة على الأرض، و بعد النظر في هذا تجد أن حركة الصحوة الروحية المبتدئة بحركة العهد الجديد البادية في أمريكا، هي حركة تبشيرية بالمسيح المخلص في نظر الباطنية أما الظاهرية فيقولون بانه المسيح الدجال، لأنك لو تكلمت مع أي معلم روحي باطني لقال لك بأن هدفه هو إنشاء الجنة على الأرض، فيما لو سألت اي شيخ او راهب لقال لك بأن الجنة بعد الموت و القيامة وهذه الحياة الدنيا ستنتهي، أما الباطنية فيؤمنون بأزلية هذا العالم، نعود من جديد إلى حسن الصباح الذي بدهائه استطاع بناء الجنة المزعومة في أعالي قلعة ألموت، وهو صاحب المفتاح.
إن الاختلاف جوهري بين الطرفين، يمكن اعتبار أن الباطنية يعتبرون أشكال الهداية الظاهرية من كتب الوحي و الشرائع هي كتب الغواية التي أوحاها الشيطان لإضلال الناس عن الحق الذي يكمن في السر و المعرفة السرية.
إن حكاية المعرفة السرية المخبئة رائجة في عصر المصريين القدماء والإغريق كفيثاغورس الذي كان يحمل فكرا ماسوني و لم يشتهر عنه من العلوم إلا بسيطها اما العلوم السرية فتنتقل من المعلم إلى التلميذ التي يثبت أنه وصي عليها و أمين، ونرى هذا في قول الشيعة بأن النبي محمدا قد أورث عليا التأويل الباطني للقرآن لأن الشيعة يعتبرونه الوصي و امام الباطن، حيث يطلع امام الباطن على الغيب ويرى الله حقا ولو رآه الناس فكأنما رأوا الله وهذا هو الحلول بعينه، و يستطيع أمام الباطن تغيير التشريع الظاهري المنصوص في الوحي.