البرمجة كجزء من تكوين الإنسان
كل ما تعتقد أنه ليس مبرمجًا في الإنسان هو في الواقع برمجة تامة، و البرنامج هو خطة عمل تبدأ من المقدمات و المدخلات لتصل إلى المخرجات في النهاية، وتكون هذه المخرجات بناءً على العملية أو المنطق الذي يُستَخدَم في تحويل المقدمات إلى النتائج، و ينطبق هذا على جميع البرمجات الوجودية مثل البرمجة الاجتماعية أو برمجة الجسد، حيث برمج الجسد على الخوف أو الأكل أو اللذة، كل هذه الأمور هي عمليات برمجية تم القيام بها في إطار الانتقال من مدخلات إلى مخرجات( كل الاجهزة الحيوية للبشر) أي من مقدمات إلى نتائج معينة هذه العملية موجودة في كل شيء في هذا الوجود، والنتيجة تعتمد على المنطق المستخدم كما ذكرنا سابقًا.
السير في طريق الصحوة الروحية والبرمجة
والناس الذين يخوضون الرحلة الروحية أو السائرون في طريق الصحوة الروحية، يسير معظمهم نحو التخلي عن البرمجة ليعتمدوا على الذات و الذات خارجة عن أطر البرمجة والهندسة، فالصحوة الروحية تهدف إلى الخروج من نسيج البرمجة إلى المصدر أو المعرف الأول الذي ينبع منه تعريف ماحصل ومايحصل، وكل شيء موجود له برمجة، إذن له مصدر وبالاعتماد على المصدر تم برمجة الكون، والسير في طريق الصحوة لا يعني مخالفة البرمجة، لأن هذا هو دور الفيروس او بمسمى آخر الشيطان الذي يرفض ولا يقبل بأي منطق، يخرق بلا منطق جميع البرمجات وجميع أنواع التناغم بين البداية و النهاية، فهو ضد النظام سواء كان سيئًا أو جيدًا، ولكن معارضة النظام بالمنطق هو دور المصلح، الذي يهدف لتصحيح النظام بمنطق أفضل أو بآلية أحسن من الآلية الأولى.
أهمية البرمجة في الوجود
كما قلنا سابقا أن أغلب السائرون في طريق الصحوة الروحية يظنون أنه يجب عليهم مخالفة كل البرمجة فتكون نهايتهم العبث أو الشيطان ويصبحون بلا جدوى. وكل هذا بسبب أنهم أعلنوا الحرب على البرمجة ككل وهذا خطأ، و ما يجب على الإنسان الصاحي والمستيقظ عمله هو اعتماد البرمجة الأفضل والمثالية التي تعرّفه أو أن يبني البرمجة المثالية له، و البرمجة لا يجب الاستغناء عنها، فهي التي تعرف حياتك، وكل شيء بدون آلية أو منطق في هذا الوجود هو بدون معنى، و هذا هو الفيروس الذي لا يستطيع إنتاج شيء لأنه ليس له معرف أو آلية أو برمجة، فهو مجرد شيء عبثي وعشوائي، على عكس البرمجة الروحية التي تقتضي تحويل كل المواد الأولية السفلية إلى نتائج أو معاني علوية، وهذا ما لا يستطيع الفيروس أو الشيطان عمله، حيث أليس له قدرة على التطور الذاتي و الانتاج الذاتي و التعلم الذاتي فهو يفتقد لقدرة انتاج السعادة في داخله.
البرمجة الوجودية وبناء برمجتك الخاصة
الخالق الأول الذي خلقنا أو الذي برمجنا أولًا، هو الذي فطرنا على فطرتنا هذه، الفطرة الإنسانية التي تعتبر البرمجة الأولية، لكن الشيطان يهدف إلى قلب هذه الفطرة إلى العبث، والتخلي عن التوازن، والقضاء على المعاني التي أعطاها الله للإنسان، ولهذا يجب على الإنسان أن يرقي أو يزكي البرمجة، لا أن يتخلص منها لكي لا يفقد منطقه ومعناه، ومن أراد أن تكون له برمجته الخاصة، يجب عليه أن يفهم منطق الوجود للوصول إلى البرمجة الوجودية أو المنطق الوجودي الأولي، وهذا هو الأسس الصحيح الذي ستبني عليه البرمجة الصحيحة بمنطق سليم، ومتوافق مع برمجة الكون التي هي النموذج الأولي المثالي للخلق بالأسس التي هندس بها المهندس الأول العظيم الكون.