الأنوناكي، الأساطير الإغريقية، أنصاف الآلهة و لوسيفر والنخبة الحاكمة في العالم

Akada Toureia
0

الأنوناكي، الأساطير الإغريقية، أنصاف الآلهة و لوسيفر، بروميثيوس و العذاب الأبدي، المصدر الحيادي و الأحرار، السادة و العبيد، النخبة الحاكمة في العالم


إن ما نقدمه اليوم هو قراءة بين الإيمان بالموروث و الإلحاد الكلي، و أعلم أن هناك من لا تعجبه المحاولات الحثيثة للمستيقظين لإيجاد حل وسط بين الإيمان الأعمى بالبرمجة الدينية أو الإنكار التام لكل أشكال الإيمان، و بين هذا و ذاك سنحاول أيها الأصدقاء إيمانا مني بأنه لا توجد حقيقة متطرفة بل الحقيقة دوما معتدلة و عادلة.

يختلف البشر اليوم و قبل مئات السنين على مفهوم الألوهية و وجود الربوبية وهل يوجد تماس حقيقي بين الإنسان و الأعلى و ينقسمون إلى ثلاث أصناف رئيسية:

الصنف الأول: السيد الخالق و العبد المخلوق

يعتقدون بأن هناك ربا لهذا الكون يقوم بربوبيته في تدبير أمور الخلائق، فكل شيء مخلوق سوى الخالق و طالبهم العبودية، و هي الانصياع التام لإرادته المنفردة، وهي علاقة سيد مع عبده، و انتشرت هذه الرؤية تحت مسمى الأديان السماوية، و بالتوازي  مع قيام الحكم الإمبراطوري المطلق، ففي مناطق كالشرق الأوسط و مصر و جنوب أوروبا كان يسود نوع من أنواع تأليه الملك الحاكم، و يعتقد بأنه لا جدال في حكمته و تسييره لأنه من نسل الخالق أو كما عبر عنه بتصنيف أنصاف الآلهة أو أبناء الآلهة، فظروف نشأة هذه الأديان التي تدعو للعبودية، كانت ضمن وسط يسمح بامتلاك العبيد بل و من معايير السلطة و القوة هي استعباد أكبر عدد ممكن.
ففي الحروب ظهر مفهوم السبي كتعبير عن الإله الغالب الذي تم استنباطه من أساطير حروب الآلهة في الإغريق و قبلها في مصر القديمة مثال حرب رع إله الشمس مع أبوفيس الأفعى الشريرة، فحروب الآلهة كانت مثال يحتدى به في وقت الحرب من السبي و التنكيل و غيرها، ففي الميثولوجيا الإغريقية تجد أن رمز العذاب الأبدي تانتالوس حكم عليه بعد هزيمته بأن يقف تحت شجرة ذات فاكهة و نصفه في بركة الماء و فإذا اراد أن يمد يده للفاكهة لم يكد يلمسها رغم قربها منه و إذا أراد أن يشرب ينحسر الماء في البركة.
و في أسطورة إغريقية أخرى و التي سننطلق منها لمقاربات دقيقة جدا مع الأساطير السومرية، أسطورة حرب العملاق بروميثيوس مع الآلهة الأولمبية ضد العمالقة في الحرب العظمى، حيث عهد إليه زيوس كبير الآلهة أن يخلق البشر و أخيه ابيمثيوس خلق الحيوانات، و بروميثيوس خلق البشر و من شدة حبه لهم أعطاهم من قدرات الآلهة و سرق النار من الآلهة و أعطاها للبشر ، و هذا ما أغضب زيوس و علم أن البشر لن يحتفظوا للولاء له لأنهم يمكن أن يعتمدوا على أنفسهم، و لأن هدف و نية خلقهم هي خدمة الآلهة المنتصرة فهم عبيد، فسمح زيوس أن يحتفظ البشر بقدرات الآلهة إذا شاركهم اللحوم الذي يأتون بها من صيد الحيوانات، و هنا تدخل بروميثيوس و خرجوا بعهد اسمه القرابين للآلهة.
و تجلى هذا في الأديان اللاحقة بالقرابين التي تذبح لكي ترضى الآلهة عن البشر و تشاركهم سفك الدماء، إن أسطورة بروميثيوس أشبه ما تكون بالذي حصل مع الأنوناكي، فالغرض الأولي من خلقة البشر كان الهدف منه عبوديهم كي يدخلوا في خدمة كائنات عملاقة و تحمل وعيا أكبر، إن هذا جلي لو قصة بروميثيوس، بعد تقدم البشر بسبب القدرات الخاصة الإلهية التي أشفق عليهم بروميثيوس بها، و زادت عندهم مظاهر الثقافة و الفن و الإبداع و العمارة، و أصبحوا ميالين إلى المتعة و اسعاد أنفسهم بسبب يسر حياتهم، غضب زيوس غضبا شديدا وقرر معاقبة بروميتيوس بنسر ينهج كبده على رأس الجبل و دوما ينموا اللحم و ينكمش الجرح ليعيش بروميثيوس عذابه الأبدي أيضا، و عاقب البشر بتقصير حيواتهم بالفقر و المرض، إن حروب الآلهة هي المثال التي اتخذته مجتمعات ذلك الوقت في السبي و العقاب و ظهر مفهوم العذاب الأخروي الأبدي، كوسيلة لترهيب الناس الذي لم ينالوا عقابهم في هذه الحياة.
نعود من جديد  لنقول أن هذا الصنف الذي يعتقد بأن علاقة الألوهية بالمخلوق هي علاقة خالق خلقه كي يستعبده، و الجلي أن هذا الخالق لا يسمح للعبد بالتفكير استقلالا عنه لأنه لو فكر لعلم عبثية مطلب خدمة كيان أعلى منه و أقدر منه، لأن في هذا ظلما كبيرا لجنس البشر، و تم عقاب البشر في هذه الأساطير بأنواع التكاليف المجحفة والتي تعزز في البشر الخضوع و التذلل، و تقديس الغرائز و سفك الدماء لأنها تعمي البصيرة الحقة، فلو فكر هذا الصنف لوجد أن هناك حاجة لهؤلاء الآلهة و لوكانوا كاملين مطلقين لما احتاجوا خدمة البشر، ولو كانوا خيرين و طيبين لطوروا البشر إلى نسخة إلهية لكي ينعم البشر بالخلاص من التعب و التعاسة.
عموما إن البشر الخاضعين لتلاعب هؤلاء الآلهة بدل أن يحرروا أنفسهم قاموا بمحاولة استعباد الناس الآخرين، وهنا بالضبط ظهر مفهوم اتحاد الملك مع الإله أو الحكم الإمبراطوري المطلق، فنصب هؤلاء الكيانات العلوية ملوكا لا يزال نسلها يحكم الأرض، و لكي اعطيكم فكرة مشفرة لأنني لا استطيع أن أقولها مباشرة، إن هؤلاء البشر الذي أبرموا عهد الطاعة و الخدمة و التقرب بالقرابين الحيوانية و حتى البشرية باصطناع الحروب و الازمات و الفقر و كل أشكال الظلم، تم مكافئتهم من طرف هذه الكيانات العلوية بطلاسم و طقوس و علوم سرية تمكن لهم دوام سيطرتهم على العروش و السلطة و كل أشكال الرفاهية، يقومون بالقرابين بحسابات فلكية في أوقات سنوية و إحداثيات جغرافية و إقامة المحافل و تلاوة التعاويذ و كتابة الطلاسم بالدماء، إن هذا ما هو إلا تجديد للعهد الأول كي يغفر لهم و يسبح لهم بسيادة الضعفاء.

الصنف الثاني: المصدر الحيادي و الأحرار

يؤمن هؤلاء بإمكانية التواصل مع المصدر الأول للألوهية و أنه إذا تم التواصل معه ستصبح لك قدرات إلهية بدون الاعتماد على الكيانات المتألهة في الصنف الأول، و يعتقدون ان الأنوناكي باختلاف تسمياتهم في جميع الحضارات، هم جنس استطاع الوصول الى شفرة الكون ومنه استطاع تسخير العناصر الأربعة بإرادتهم، إن هذا الصنف يؤمن بأن المصدر هو الإله وهو حيادي، ولا وجود لتكاليف من طرفه، بل زرع في كل موجود إرادته المحددة بقوته و حكمته و كذا، فهم لا يؤمنون بوجود الخالق ولا المخلوق ، فيعتبرون أنفسهم خالدين و لذلك تسمح لفظ الموجودات بدل المخلوقات فهناك موجودات انبثقت من المصدر و لا يوجد خلق مباشر، كما أن الانسان إذا وصل إلى الكود الإلهي يسترجع ذاكرته الروحية فعندما يبعث في حياة أخرى يستطيع أن يعرف، فلقد وجد ذاتهم و ذاته خالدة.
إن هذا أشبه ما يكون بالأساطير الهندوسية و البوذية و مختلف أنواع مذاهب الحلول و الاتحاد، فيتعقدون بحلول المصدر في كل موجود وهناك من الموجودات كالأنوناكي أو غيرهم من يحاول فصل الموجودات عن المصدر ليمنعوا استقلاليتهم و إيهامهم بأنهم آلهة و منه يسهل التلاعب بهم واستغلالهم.
فهناك من وصل إلى المصدر فصار أناني يمنع الناس من ان يصلوا كي يستفرد بميزات الألوهية و هناك من يصل الى المصدر و يوصل بقية البشر إليه، إن هذا الصنف دوما تجده في قطاع الثقافة و الأدب ومن مشاهير التنوير و التنظير الإنساني و يعلم الصنف الأول بوجود الصنف الثاني و كذلك العكس، وهناك عهود فيما بينهم تمنع البوح و إنما يحاولون الإفشاء بالرموز والإشارات فقط.

الصنف الثالث: لوسيفر و شعلة التمرد

 يؤمن هؤلاء بأن الذي تمرد عن إرادة الآلهة ووهب الإنسان قدرات التطور، هو الإله الحقيقي الذي يجب أن يبجل، و نجد اشارات له اسم لوسفر أو الذي رأف لحال البشر فتم تشويه صورته و القول بانه يحاول صد البشر عن عبادة خالهم، وهو كما يدعي أصحاب هذا الصنف أن لوسيفر باختلاف تسمياتهم في جميع الأساطير أنه خالقهم الحقيقي و محبهم و الذي دوما يحاول مساعدتهم، ليصلوا إلى درجته، إن هؤلاء أغلبهم من  المشاهير في الفن و المودة و التمثيل و الانتاج السمعي بصري و هم يعلمون بوجود الصنف الأول و يحاربونه بالافشاء العلني عن مؤامرة العرش، و الناس يظنون ان نخبة هذا العالم متحدون والحقيقة أن نخبة العالم ليست مجتمعة في كفة واحدة بل على الأقل إلى هذه الأصناف الثلاث، إن هناك نفير عاما بين رجال العرش و رجال الفن و الصنف الثاني فهو رجال التنظير و التنوير وهم حياديون.

شكرا لكم على الاستماع إذا أردتم المزيد من المعلومات في هذا الشأن شاركوا الفيديو و سأقوم بطرح اشارات أخرى لوجودهم على أرض الواقع و باقي التمحيص و الفهم لكم





إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)