الجنس، الحب و الزواج في ميزان الروح و الأخلاق

Akada Toureia
0

 الجنس الحر تحت غطاء الحب اللامشروط 

هل الحرية مفهوم حقيقي؟

إن أقدم مظاهر التمدن عند الإنسان بدأت بالتجارة و الدعارة و لازال الأمر قائما الى اليوم فالمدنية الموعودة دوما مرتبطة بالسوق الحرة و الجنس الحر.
لو ذهبنا الى بابل سنجد أن فكرة الجنس الحر قائمة الحاجة الشديدة البشر و خاصة الذكور في تفريغ جعباتهم الشهوانية أو ابراز ذواتهم بطرق غير شرعية، أما بالنسبة للإناث فقائمة على البحث عن الملاذ الآمن من الحروب الذكورية و إيجاد القوت و الرزق المضمون الدائم، فالرجل يبحث عن إثبات لسطوته و المرأة عن الجينات المثالية التي تستحق أن تحمل بها.

وهنا يدفعنا للسؤال هل حرية الجنس من محصلات التحرر الروحي؟
لكي نجيب على هذا السؤال وجب أن نبدأ بمفهوم الحرية و ماهي دلالاته الروحية، الحرية هي حالة من غياب الشروط الفيزيائية أو النفسية أو الروحية، و نقصد بهذا مثلا اذا أردت فعل شيء ما ولا يوجد اي شرط أو قانون او مبدأ او ضابط فأنت حر في فعله كما تريد.
وهذا يأخذنا الى مفهوم الشرطية و القانونية و منه الشرعية التي اعتماد على تشريع سواء الهي او وضعي بشري، نجد حتى مدينة مثل بابل و رغم جواز الجنس الا ان هناك مظاهر من الاختلاف بين ما هو شرعي و ما هو غير شرعي.
قد يظن البعض ان لا حاجة للانسان للشرع سواء الالهي او البشري وفي حقيقة الامر ان شرطيات الشرع هي من حفظ بقاء الجنس على مرور عشرات القرون، ونلاحظ ايضا بالتقصي و التقفي أن اختلاف مملكة الحيوان عن مملكة الانسان في المفارقات الرئيسية في وجود التشريعات المفصلة و الأخلاقية و لكي لا ندخل في مصدرية الاخلاق و هذا شيء متعب للعقل فنختار بدل ذلك اثبات واجبية الأخلاق.
فكما قلنا ان الاخلاق هي شروط فيزيائية ظاهرية و ضوابط نفسية و روحية اكتسبها الانسان اما بالتجربة المادية او بالايعاز الروحي نتيجة الوحي الذي يأتيه من الداخل.
الشروط و الضوابط هي أسبب القوانين الطبيعية و حتى ما فوق الطبيعية، كالانتقاء الطبيعي الذي هو معايير البقاء و التكيف مع الظروف الخارجية و امكانيات التطور و تجاوز تلك الظروف.
ان الطبيعة في تركيبتها قائمة الشرطية الصحيحة لحدوث الأشياء بين خلقتها و موتها، بوجود الشروط ( حيث ان الشروط ظروف و نقول الشروط الفيزيائية مثلا) وجود الشروط الصحيحة يعني وحود الشيء بشيء صحي و غياب تلك الشروط او انحرافها بشكل او بآخر يعني انقراضا طبيعيا للشيء.
ويتجلى للملاظ أن الحرية هي شيء غير طبيعي و لا يمكن ملاحظته او رؤيته في المادة أو في الروح.
لأن الروح هي مجموعة وصايا و أوامر تلقاها جنس الانسان من كيان اعلى منه حكمة ووعيا، و أثبتت التجارب البشرية أن تحرر الانسان عن المثل العليا و البعد الاعلى أنتج مختلف أنواع الشذوذ الذي في طياته يفني نواة الأسرة و نواة المجتمع الانساني و منه فهو يزيل معنى اجتماع الانسان على غاية مقدسة او على الاقل تحمل الجدوى.

ماذا يعني تحرير الجنس؟

نعود الى سؤالنا: هل الجنس الحر من محصلات الارتقاء و اليقظة الروحية؟
و تكلمنا عن الحرية و قولنا أنها تعني غياب المعايير الضابطة للأفعال و الأشياء، وهذا هو تعريف العشوائية و الفوضى، لأن حاجة الرغبات للضبط شيء مفروغ منه فالحروب و الانزلاقات الخطيرة التي مر بها النوع البشري بسبب عدم وجود القوانين الدولية التي تساهم في ضبط حدود كل دولة أو القوانين المحلية التي تضبط المواطنين في المواطنة التي هي خضوع للواجبات و الحقوق.
ان مطالبة فئة من الفئات بالحرية التامة انما هو دعوة الى الانقراض لان الحرية هي دعوة الى تعرية الانسان من المثل التي أوجدته و التي تلهمه لبناء الحضارة العادلة.
نعود الى فصل الجنس:
الجنس عملية فيزيائية كيميائية بيولوجية تقوم بتحفيز مؤثرات نفسية و خيالية، قائمة على استمتاع الطرفين بالرؤية و السمع و الشم و التذوق و اللمس هذا ما يرخي الجهاز العصبي ويثير الجهاز التناسلي لافراز مواد التكاثر الجنسي الذي هدفه ابقاء الجنس البشري على قيد الحياة.
كما قلنا سابقا ان معايير اختيار الشريك الجنسي باختلافها بين الذكورة و الانوثة، فالذكورة قائمة على اختيار الجمال و الفتنة و الأنوثة قائمة على اختيار القوة و المكنة، و تبدأ هذه المعايير بالتكيف مع المحيط و العادات و التقاليد فمظاهر القوة في الصين ليست هي عند العرب، و كذلك مظاهر الجمال بين المجمتعات، و تكونت عدة مظاهر مختلف لهذه المعايير و هذا ما نسميه بالعادات و التقاليد الاجتماعية الخاصة بالإرتباط.
ان تحرير الجنس يعني في اول الامر اخراجه من وظيفته كعملية تكاثرية الى كونية عملية لحظية لا نتاج لها.

هل الزواج قيمة روحية أو عقدة شيطانية ؟

هناك يجب أن نطرح مفهوم الحب اللامشروط، ان الذين ينكرون الزواج تقوم حجتهم على الحب بلا شروط و هذا قد فصلنا شيطانيته سابقا وسنعيد طرحنا له مجددا.
أولا ان ازالة الشرطية من الحب ما هو الا ازالة عن الضوابط التي هي أصلا التي عرفت الحب و ميزته عن شيء اخر، فالضوابط و الشروط التي في الحب هي ايات الحب و اشاراته، فكيف يمكن اعتبار شيء انه حب بلا اشارات و حدود و شروط، يمكن للجميع أن يدعوا الحب لأنه مجاني ( وهناك ارتباط الحرية و اللاشرطية مع مفهوم المجان، لأن ازالة الشروط التي هي عوائق في الحقيقة يصبح الشيء غير مكلف) و كذلك فالحب غير المكلف الذي لا شروط له هو في الحقيقة بلا قيمة لأن القيمة حصرا تحدد بالحدود فقيمة الحياة تحدد بالموت الذي هو حدودها و قيمة المال بمدة انتهائه و قيمة الحب في شروطه و كلفته.
و قد صاغ الانسان منذ قديم الزمان مفهوم الزواج و قدسه في الحضارات السابقة باعتباره الكلفة المادية و المعنوية التي تثبت الحب الحقيقي بين الذكر و الانثى.
نعود مجددا الى قولنا بأن تحرير الجنس حتى في مهنة الدعارة يحصل بالكلفة و الشروط ولو كانت منخفضة القيمة.
تفهم من هذا كله أن انخفاض الشروط او تقليلها هو في الحقيقة تقليل من قيمة و قدسية الارتباط بين الذكر و الانثى.
فكل شيء مجاني بلا شروط هو بلا قيمة محددة.
ان فرق الانسان عن الحيوان هو فرق التكليف فالانسان مكلف وهذا يعني خضوعه للتكاليف الصحيحة كي يكون رمزا للصحة، فالتكليف يعني شروط و يعني ضوابط و يعني حدود و يعني قيم اخلاقية روحية و قيم نفسية و قيم جسدية.
فالقيمة من القيم الثلاث التي ذكرتها تتحدد بالمعايير المضبوطة الصحيحة.
فالفعل اذا خرج عن معاييره الاخلاقية يصبح لا اخلاقيا و لا قيميا و لا معنى له، لانه المعنى حصرا يكتسب من القيمة، بدل الوقوع في فخ الشيطان العبثي وجب زيادة جوة المعايير و ليس انكارها لأنها رأسمال الانسانية.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)