الهندسة المقدسة و أساليب يقظة الروح

Akada Toureia
0

 

قراءة سيميائية وهندسية في معنى الزاوية وعلاقتها بالتزامن:

تكلمنا في فيديو التواصل مع الملاك المرشد عن معنى الزاوية وعلاقتها بالملائكة ( اضغط هنا للذهاب إلى الفيديو) ، و الزاوية في مفهومنا هي تعبير عن المفتاح الذي يمكنك من التواصل مع الملائكة.

الزاوية من الانزواء، ومنها الركن أيضا، نجد في اللسانين الإنجليزي والفرنسي أن مقابل كلمة زاوية  هو angle/coin، و coin بالإضافة إلى اشتمالها على معنى الركن والزاوية في الفرنسية فهي تحمل معنى العملة في الإنجليزية، وفي تركيب للكلمة نجد  Coincidence التي تعني الصدفة أو الشيء الذي لا نستطيع تفسير سببه، وكلمة coincide التي تعني تزامن، نفهم من هذا كله أن التزامن من عمل الملاك الزاوي وخصصنا مصطلح الملاك الزاوي للتعبير عن الملاك الذي يفتح ويوسع زاويتنا ووعينا (كلمة angle/angel تحمل معنين الزاوية والملاك) فهو يفتح لنا زاوية مطلة على العالم الإلهي الذي تحدث فيه الأمور بعفوية وتلقائية وتزامنية رهيبة جدا، وتمكنك من التواصل به حيث أن العملة في رمزيتها تحمل معنى التبادل؛ أي أن الزاوية هي العملة المشتركة بين الإنسان وعالم الملائكة.

كلما كانت الزاوية أوسع واتجهت نحو الانفراج عبرت عن وعي وزاوية نظر أوسع، وكلما ضاقت واتجهت نحو الحدة عبرت عن وعي ورؤية أضيق، لفهم الأمر أكثر نتخيل دائرة تقف أنت في مركزها، محيطها يمثل الوعي الكوني ومركزها هو الوعي الفردي، أنصاف أقطار الدائرة هي ذراعيك، عندما تفتح ذراعيك فإنك تشكل زاوية واسعة ومستقيمة ممثلة لنصف القطر، وعندما تبدأ في إغلاقهما تشكل زاوية حادة حتى تنغلق تماما،  تلك الزاوية التي تفتح لنا تمثل النور الذي يكون في صراع للتغلب على السواد والظلام المحيط به الذي يرمز لبرمجيات المصفوفة، لأن المصفوفة عبارة عن صندوق ليست له نفاذية على الخارج، بينما الزاوية التي تفتح لك تمثل النافذة التي تصلك مع الخارج أو العالم الإلهي التلقائي.

في سيمياء الجسد ترمز اليدين إلى القدرة والاستطاعة والزاوية المشكلة بالذراعين تمثل قدرتك ووعيك، نسقط الأمر على مرحلة الطفولة التي تعبر عن صفاء الفطرة، الطفل الصغير إن كان سعيدا فإنه يفتح ذراعيه على وسعهما تعبيرا عن ترحيبه بالعالم وكل ما حوله، عكس كونه في حالة ضيق ورفض فهو يغلق ذراعيه تماما، يبدأ الطفل التعلم وتطوير وعيه من خلال الحواس  فيتفاعل مع العالم باستعمال يديه، ومنه يعرف الطفل الموهوب من غيره من خلال استخدام قدرته أو يديه اللتان تمثلان ما يأخذه من الوعي حيث تشكل ذراعيه خطا الزاوية، وكلما كبرت زاويته وتغيرت كلما زاد وعيه وهكذا يبدأ تشكل الوعي عنده.

أما التزامن هندسيا فهو عبارة عن زاوية تفتح لك من طرف الملاك الزاوي، هذه الزاوية تتكون من خطين يتقاطعان في نقطة تمثل أنت رأسها، حيث نستطيع تحديد ثلاث نقاط على التوالي بدءا من رأسها الذي نعتبره النقطة A والنقطتين الباقيتين هي B و C، القوس الرابط بين B وC يمثل التزامن أو الرسالة منه، نأخذ مثالا واقعيا لتبسيط الفكرة لنفترض أنك خرجت صباحا، في الطريق التقيت صديقا قديما لك لم يحصل اللقاء معه منذ سنوات في إطار حديثكما ذكر حادثة محددة عشتها معه في الماضي، تكمل طريقك فتجد صديقا آخر لم تره منذ فترة أيضا وبين الأحاديث يذكر لك نفس الحادثة التي حكاها الأول لكن بطريقته أو نظرته الخاصة لها، هذه الصدفة هي ما يعرف بالتزامن حيث أنت تمثل النقطة A التي تشكل التقاء الاحتمالين B و C، رغم أن B و C تشاركا نفس الموضوع إلا أنهما يمثلان طاقتان مختلفتان عن بعضهما، رسالة التزامن الحاصلة هي خاصة بك لا بهما وتجد معناها في القوس الرابط بين النقطتين B وC، لهذا فالرسائل التزامنية حتى لو تشابهت فإن معناها يختلف بحسب الشخص الموجهة إليه، أي بحسب حاجته ووعيه.

 بداية حصول التزامن تكون دائما ناتجة عن فضول نحو أمر ما وحضورك في الآن، فالفضول هو الذي يفتح لك الزوايا التي تكشف لك عن إجابات لأسئلتك، وقد يخلط البعض بين التزامنات الحقيقية وتلك الناتجة عن خوارزميات المصفوفات المختلفة، فالتزامن الحقيقي الناتج عن عمل الملائكة كما فسرناه هندسيا يفتح لك زوايا أو طاقات مختلفة لأمر متكرر ولا يمكن أن يفتعل حصوله فتلتقي احتمالاته عندك، في حين يكون الأمر في المصفوفة وفقا لما تريده أنت، المصفوفة باعتبارها صندوقا مغلقا تمنحك ما تريده وتجعلك تظن أنك في تواصل مع الخارج لكنك في الحقيقة متفاعل مع نفسك كالعجلة الشيطانية التي تقضم ديلها، الأمر أشبه بخوارزميات مواقع التواصل فيقوم الذكاء الاصطناعي بجمع معلوماتك من خلال تفاعلاتك المختلفة على هاتفك مثلا ثم يقدم لك نتائج بناء على تلك التفاعلات التي تقوم بها فتتصادف مع أفكارك والمواضيع التي تهتم بها أمامك وتظن أن الأمر تزامن وما هو بذلك لأنه ناتج عن عمل الخوارزميات.
قد يُخلط أيضا بين الدعاء والتزامن، الدعاء في حقيقته قائم على شقين الأول داخلي والثاني خارجي، الشق الأول متعلق بتفعيل الأسماء الإلهية المرموزة داخلك، فعندما تقوم بتفعيل اسم معين داخلك تنتقل إلى شقه الثاني والمتعلق بتجليات الأسماء الإلهية في الخارج، فتتفعل آنيا تجلياته خارجا وبذلك يتحقق الدعاء، لهذا فالأمور الناتجة بعد القيام بالدعاء لا تعتبر تزامنات لأنها تجليات لتفعيل اسم إلهي داخلك.

الزاوية ومخروط الضوء :

يمكن تصور مخروط الضوء على أنه سطح مخروطي في الزمكان رباعي الأبعاد، يُطلق على قمة المخروط اسم الحدث المصدر، وهو نقطة في المكان والزمان حيث ينشأ شعاع الضوء، تُسمى الخطوط المستقيمة التي تمتد من قمة المخروط الأشعة الضوئية وتمثل جميع المسارات الممكنة التي يمكن أن يسلكها شعاع الضوء من الحدث المصدر، وينقسم مخروط الضوء إلى قسمين: المخروط الضوئي المستقبلي المتكون من جميع الأحداث التي يمكن الوصول إليها من الحدث المصدر بواسطة شعاع ضوئي، أي أن هذه هي جميع الأحداث التي يمكننا رؤيتها من الحدث المصدر، والمخروط الضوئي الماضي المتكون من جميع الأحداث التي يمكن أن تساهم في الحدث المصدر بواسطة شعاع ضوئي؛ أي جميع الأحداث التي يمكن أن تؤثر على الحدث المصدر.
 يمكننا أن نمثل للزاوية من خلال مخروط الضوء، باعتبار المخروطين زاويتين متعاكستين تمثلان الماضي والمستقبل ويلتقيان عند رأسيهما في نقطة تمثل الآن ضمن مستوي نعبر عنه بالسطح الفائق للحاضر وهو ما نسميه عندنا باللوح الأعلى أو القوانين الكونية الثنائية وعند خروجنا إلى هذا السطح نصبح في وضع المراقب، المخروط أو الزاوية السفلى تمثل الماضي والعليا تمثل المستقبل وتكون أنت في نقطة الالتقاء، كلما ضاقت زاويتك فهذا يعني أن الماضي يضغط عليك ويحد من خياراتك المستقبلية، زاوية الماضي تبدأ متسعة ثم تضيق كمثلث يلتقي ضلعاه في نقطة تمثل رأسه، تلك النقطة تمثل حالك في هذه اللحظة والناتجة عن خياراتك الماضية، إن تركت الماضي يسيطر عليك فستكون زاويتك ضيقة جدا بحيث يحكم ماضيك مستقبلك فتُحَد احتمالاتك في الآن وتكون موجهة نحو احتمال واحد مستقبلي مبني على معطيات الماضي، إن بقاءك في الآن يخرجك من سيطرة الماضي وتبعياته المستقبلية، فتكون منفتحا على العالم وتجربة الحياة وكل الاحتمالات الممكنة ومستعدا للخوض فيها بناء على قدرتك وزاويتك الواسعة، 
إن نظرتك لأمر ما بزاوية معينة يعني أن ما تراه هو ما وصلك من طاقة، حيث تعتبر الزاويا خزانات للطاقة وهي التي تقوم بتوزيعها.
عدم  تحرير الماضي ومسحه يجعله يتكرر في المستقبل في هذه الحالة ستكون في مجابهة ماضيك ولن تستطيع التغلب عليه فالماضي بزاويته سيضعط عليك لأن الزاوية المفتوحة أمامك في المستقبل هي انعكاس له، لكن إن استدرت نحو الماضي واتخذت وضع المراقبة ورأيته بزاوية كلية وأنت خارج عنه ستتمكن من فهم الأسباب التي أوصلتك إلى الحاضر وستدرك أن الماضي هو الذي يتحكم في المستقبل، وعندما تنظر للماضي بصفتك مراقبا ستتمكن من تحريره ومسحه لأنك حررت الطاقة في الزوايا، وحينها ستدرك قيمة الآن وتخرج إلى السطح الفائق للحاضر حيث يكون كل شيء على استواء وتتحرر تماما من الماضي وبالتالي تفتح لك جميع الاحتمالات.
مثلا عندما تحصل حادثة معينة فإن كل شخص يراها ضمن زاوية رؤيته التي تفتح له نافذة على الأمر فتختلف الرؤيا والتفسيرات باختلاف زاوية النظر ويظن كل شخص أنه ألم بالحقيقة، لكن الرؤية الكاملة للوضع تتطلب حصول المراقبة، هذه المراقبة تكون بالاستدارة والدوران حول الماضي وفهم أحداثه مما يمكنك من مراقبته بزاوية واسعة تشمله كله كأنك تراقبه من الأعلى فترى الحادثة بكلها وبالتالي حقيقتها كما هي.

الصدمات النفسية بمفهوم هندسي:

في حالة الصدمات النفسية ستضيق زاويتك وتقل احتمالاتك فتكون موجها ومبرمجا نحو اتجاه واحد حددته البرمجيات التي نشأت فيها، يبدأ الأمر في مرحلة الطفولة حيث يكون الفرد على فطرته منفتحا على العالم فتبدأ عمليات التحكم والبرمجة كما هو الحال مثلا في التربية الأسرية أو داخل المجتمع فكل فعل خارج عن المألوف والعرف يعتبر خطأ يستحق العقاب، يدخل الطفل في تجارب مختلفة وعفوية لكنه خاضع لتقييم المحيطين به مثلا إن قام بفعل يعتبر خطأ بالنسبة لهم عوقب عليه فتتكون عنده صدمة نفسية مما يجعله دائم الخوف من العقاب، وبالتالي يكون فعله محكوما بلاوعيه فيختار أفعالا تتناسب مع المعتقدات التي تحيط به فتضيق زاويته واحتمالاته لأن الماضي يضغط عليه فتنعكس زاوية الماضي على المستقبل ويكون موجها نحو وجهة محددة سلفا،  وهذا يحدث داخل مختلف المصفوفات.

الصحوة الروحية بمفهوم هندسي:

نعود إلى مخروط الزمن ونبسط المخروطين إلى زاويتين إحداهما تمثل الماضي و الأخرى المستقبل تحيط بهما دائرة ورأسهما هو مركزها، الصحوة الحقيقية تكون بمسح الماضي ومنعه من الضغط عليك فتكون حرا من كل القيود وتستقبل كل الاحتمالات الممكنة وفق قدرتك، فأنت في مركز  الدائرة عندما تستدير إلى جهة الماضي وتنظر إليه نظرة سلبية فإنك تركز على كل سلبياته فقط وتضيق زاويتك التي ستجد انعكاسا لها في مستقبلك عندما تستدير إلى الجهة الأخرى، والتركيز على الماضي وسلبياته وعدم تقبله يجعلك تعيشه أو تعكسه في حاضرك لأنك تحييه بهذه الطريقة أو تحيي ذكراه فتكون في صراع دائم معه، الشخص المستنير بحق هو الذي نظر إلى ماضيه بحب وتسامح وتقبل كل نسخه التي كانت فيه، لأن تلك النسخ التي ضحت بنفسها هي من أوصلته إلى نسخته الحالية الواعية، فإن نظرت إلى الماضي بنظرة أو زاوية واسعة وتقبلته وقمت بمسحه فإنك ستكون قادرا على فتح الزاوية التي تريدها وتحددها أنت لأنك تملك كل الاحتمالات، أما الذين يتكلمون بالوعي والصحوة والتحرر من القيود لكنهم غير متقبلين لماضيهم ونسخهم السابقة فهم يضيقون على أنفسهم واحتمالاتهم لأنهم يركزون على زاوية محددة من الماضي وبالتالي تنحصر احتمالاتهم المستقبلية في انعكاس لتلك الزاوية، فتقبل الماضي ومسحه هو معيار للصحوة والاستنارة، فلو وجدت شخص مستنير ويجلد نفسه في الماضي ويقارن نسخته الحالية بسابقاتها بشكل سلبي فهو غير واعي أو مستنير، والأمر نفسه للذي يرى انعكاس لنسخه السابقة في الآخرين فيسخر أو يسب ويستهزأ بأفكارهم ومعتقداتهم وما ذلك إلا سخرية واستهزاء من نفسه وجلد لها لأنه لم يتقبل نسخه في تلك الحال وسيبقى حبيسا لذلك الماضي.

إن التعلق بالماضي والاستغراق فيه وعدم تقبله يعرقل طريق الصحوة لأنه يسجنك في زاوية معينة تكبح حريتك، فتبقى سجينا لخطاياك وذنوبك التي ارتكبتها في الماضي وفي هذه الحال ستعيش على إحياء الماضي بجلد النفس المستمر ولا حل لتخلصك من خطاياك إلا بالموت لأنك لا تستطيع أن تخرج من ماضيك وتنظر له نظرة تسامح، كأن تعتبره شخص قدم إليك أمورا معينة ثم ذهب في طريقه فتأخذ ما أخذته وتسمح له بالرحيل، والأفعال التي قمت بها في الماضي لا تعبر عنك لأنها انتهت، لهذا نحتاج إلى وعي المسيح (في تقليباته اللغوية مسح/سمح) أثناء سيرنا في مسارنا الروحي فهو الذي يقوم بمسح الماضي ومسامحته فتتحرر من كل القيود التي تقيدك وتدرك أن الآن هي الخير المطلق الذي يحتوي على كل شيء تريده.

الضياع عن المسار الروحي:

أغلب الناس والسالكين مسار الروح يشعرون بالضياع في هذه الحياة، وسبب هذا الضياع والشتات هو التعلق بالماضي وتكراره، فالزاوية المشكلة لماضيك والتي أوصلتك للحاضر لا تريدك أن تكررها، فالكثير يحاولون إحياء نسخ من الماضي قد أنهت رسالتها ويتمسكون بها، أو يسعون إلى تقليد وإحياء شخصية معينة من الماضي، فالضياع هو عملية احتلال الماضي للمستقبل، في حين وجب أن يكون الماضي الذي أوصلك لهذه النقطة دافعا لك لتوسيع آفاقك وزاويتك لخدمة نفسك والإنسانية بشكل عام، ويكون هذا التوسيع باكتشاف الجديد لا بتقليد قديم أو تكراره فتبحث عن مواهب جديدة فيك وتستغلها لتوسيع زاويتك.

تم تفريغ البث و تلخيصه و تنظيمه من طرف سارة .ن

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)