الغنوصية و الصراع بين الإله الأدنى والأب النوراني لتحرير البشر
الغنوصية هي اعتقاد بأن البشر يحملون شرارة إلهية وهي عقيدة خلاصية تقوم على أن الإله الحقيقي الأول هو الأب النوراني المتعال الذي ليس هو الخالق بالمقابل هناك الإله الأدنى الذي خلق هذا العالم المجسد والإنسان ليكون عبداً له، فهو غير كامل ويعيش في حدود العالم النوراني ويحتاج إلى التقديس والعبادة، في أسطورة آدم وحواء يُقال إن الإله الأدنى وضع آدم وحواء في جنة الملذات وأمرهما بعدم الاقتراب من شجرة المعرفة، هذه الشجرة كانت مفتاح التواصل مع الملأ الأعلى حيث يمكن للبشر الإنتقال من عبودية الأدنى إلى حرية الأعلى في الغنوصية، السبب وراء أكل آدم وحواء من هذه الشجرة كان بتوجيه من الإله الأعلى، الأب النوراني الأول الذي يسعى لتحرير البشر من أجسادهم عبر الموت المادي إلى الحياة الأبدية أما الإله الأدنى فيستمر في خلق المزيد من البشر ليبقيهم عابدين له في هذا العالم المجسد.
الإله الأدنى والملأ الأعلى: الصراع والخلاص في أسطورة التكوين
عاقب الإله الأدنى البشر بإخراجهم من النعيم وتخفيض درجتهم وتجسديهم أكثر فأكثر ليطغى عليهم الجسد وإرسال شعائر وتكاليف تضطهدهم وتجعل حياتهم جحيماً في أسطورة التكوين، يُذكر أن الأب النوراني كان موجوداً وحده، ثم فاضت عنه كائنات روحانية نورانية تُسمى بالأيونات أو الملأ الأعلى (بيلوروما)، معنى كلمة الملأ الأعلى يأتي في شقين: الساكنون في السماء أو الفيض الأعلى هذه الكائنات ليست مخلوقة بل فائضة من الأب النوراني أي أن وجودها ليس زمنياً بل يتبع وجود الأب النوراني، من بين الملأ الأعلى كائن أو روح تُدعى صوفيا وهي أم الإله الأدنى. و الإله الأدنى هو فيض صوفيا ويحتاج وجوده إلى تسخير المادة لأنه يعتمد على التجسيد لإنتاج الطاقة لذلك وضع في الإنسان الغرائز، وهم الأراخنة المتحكمون في العناصر الأربعة في الكون حكام العالم السفلي هؤلاء الأراخنة يشكلون بوابة للإله الأدنى من خلالها يظهر ويتكاثر.
التخنث في الغنوصية: بين الكمال وصراع الجنسين
يؤمن الغنوصيون بفكرة التخنث، حيث يعتبرون أن الإله الأول والكائنات الأيونية خنثى، ويرتبط التخنث لديهم بالكمال فهم يرون أن افتراق الذكر عن الأنثى في تكوين العالم المادي هو ما سبب الحاجة والنقص، لو تم نزع غريزة السعي نحو الأنثى من الذكر وغريزة السعي نحو الذكر من الأنثى ستتلاشى الحركة المادية، وعند التقاء الذكر والأنثى يحدث الخلق المادي، الإله الأدنى يمنح شرائع تفرق بين الذكر والأنثى مما يبقيهم في صراع دائم بهدف إنتاج الطاقة الناقصة، والتي تمثل الخلق المحدود المجسد كل مجسد يمثل طاقة ناقصة، ويتغذى إما على تطرف الذكر في ذكورة مرتفعة جدًا لا تعترف بالأنوثة أو على تطرف الأنثى في أنوثة مرتفعة لا تعترف بالذكورة، وهنا برز معنى فكرة التخنث، و المسيح في الغنوصية جاء ليبث في الإنسان الشرارة الإلهية ليخرج من ثنائية الذكر والأنثى إلى وحدانية الكمال الإلهي.
تكوين العالم وخلق الإنسان كخادم للآلهة في الأسطورة السومرية
عند الجبل الذي يفصل بين السماء والأرض أنجب آن أتباعه الأنوناكي، في الأسطورة التكوينية السومرية ذُكر أنه في البدء كان هناك ماء أزلي(راجع مقال وكان عرشه على الماء - مقال إغرس نواياك في السر)، وكان هذا الماء على مستوى واحد حتى ظهر جبل يشبه الهرم قاعدته الأرض (كي) ورأسه السماء (آن)، من هذا الجبل ظهر كائن إلهي هو إنليل الذي أخرج كل شيء نافعًا، و هو نفسه الإله الأدنى في الغنوصة الذي يمثل الهو ثم تكون كائن آخر اسمه إنكي ومع تكوينه نشأت العناصر الأربعة: الأرض، السماء، الماء، والهواء. قبل ذلك، لم تكن هناك سماء أو أرض، بل كان هناك العدم فقط، حينئذ قالوا إن الآلهة قد أنهكتها الأعمال فطلبت خلقًا ينوب عنها في أداء المهام من آنك وهكذا، خُلق الإنسان ليكون عبدًا وخادمًا للآلهة وأصبح هدفه الوحيد هو خدمتها استُعبد الإنسان عبر حواسه الخمس وغرائزه التي تربطه بعالم المادة الوهمي مما يستهلك طاقته، واُستخدم الخوف والإغراء كوسائل لاستعباده حيث يرتبطان بالطاقات السفلية في نظام الطاقة.