البعد الأول والهرم الإلهي
البعد الأول هو البعد الإلهي الواحد وبعد السمو، هو الشعاع النوراني الأول والعقل الأول، هو مستقيم وبرهانه استقامته، هو المسار الإلهي الذي فاض عن الواحد، وهو المصدر الأول الذي انطلق من الله ومنه خلقت كل الكائنات، بما فيهم الإنسان الذي يتخذه طريقا للعودة للأصل،البعد الواحد حيث الرؤية واحدة والواحد واحد، حيث لا يوجد اختلال وكثرة وتكاثر، البعد الواحد فيه الحقيقة لأن فيه عدم اختلال.
إن هذا النور الإلهي المستقيم هو بوابة الروح ويتجلى في قمة الهرم الإلهي؛ والهرم الإلهي هو هرم طبيعي رأسه في الأعلى وقاعدته في الأسفل على عكس هرم إبليس مقلوب الفطرة، رأسه إلى الأسفل وقاعدته في الأعلى فعكسوا آيته وجعلوا البعد الأعلى الأول الذي منه الفيض الإلهي في الأسفل والأبعاد البعيدة عنه في الأعلى، ثم يقولون إرتفع إلى أبعاد أعلى تصل إلى الحق والخلاص، لكن في الحقيقة وفقا للهرم الطبيعي فأنت لا ترتفع بل تنزل إلى الدرك الأسفل ابتعادا عن البعد الأول.
أما الموجات والترددات فهي تبدأ نزولا وبعدا عن هذا المستقيم الأول من قمة الهرم نحو قاعدته ابتعادا عن الرأس، حتى تغلق الموجة في الأسفل أو عند أبعد بعد؛ حيث لكل موجة قاع وقمة، وعندما تنغلق الموجة؛ أي لا تكتمل وتعود إلى نفس البداية فتلك هي العجلة التي تكلمنا عنها في موضوع السامري وعين الدجال، والعجلة أو الدائرة الموجية المغلقة تعبر عن اللعنه وعن الدجال وعن إبليس فهي مسلخ الضالين وتكون موجودة في الدرك الأسفل لأنها تردد مغلق، ثم تبدأ في الانفتاح في كائن أعلى من إبليس و تستمر انفتاحا وصعودا حتى تستقيم، ومثالها ككرة من الخيط كلما فُتحت واستقام خيطها كلما ارتفع إلى البعد الواحد، وتلك الكرة التي يقدسونها ما هي إلا إبليس لانها كومة من العشوائية والعجلات.
النور المستقيم الواحد وضلال الباحثين عن الأبعاد الموجية
ان آية الحق هي الاستقامة وآية الباطل هي التموج ﴿ وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ یَوۡمَىِٕذ یَمُوجُ فِی بَعۡض وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَـٰهُمۡ جَمۡعا﴾ [الكهف 99]، فالتموج هو طريق الباطل لأن الاستقامة هي الحالة الأولية لكل شيء، وهي المصدر في عالم المثال والأنوار، ومنه كل شيء مستقيم، وكل انحناء هو تشوه وبعد عن المستقيم، والبحث عن الأبعاد بحث عن تشوهات وبعد عن الحق، واتباعهم للبعد والتموجات بدل الاستقامة هو تمجيد للثعبان المتموج وإبليس، في حين اتباع الاستقامة هو اتباع للروح، فالروح مستقيمة وهي التي تقود للحق كونها ملكة لاقتفاء الصراط المستقيم والعودة إلى الأصل، ويجب عليك الاستماع لها لا للترددات والموجات، ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت 30]، أي الذين اتبعوا صراط الله المستقيم غير مبالين بالبعد والطرق الفرعية المتعددة، ولم يصدهم البعد عن إدراك القرب.
الروح تتجلى في استقامة لأنها من النور الواحد بينما الأشباح أو الجن تتجلى في موجات، وكلما كانت الموجة قريبة من الاستقامة كانت صالحة وكلما بعدت ضلت وابتعد عن الطريق.
دعاة الطاقة وأتباع إبليس يدعون للبعد عن الصراط المستقيم والشعاع النوراني الحقيقي تموجا ونزولا، يطلبون منكم أن تبتعدوا عن الشعاع الحقيقي والصراط المستقيم﴿قُلۡ إِنَّنِی هَدَىٰنِی رَبِّیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰط مُّسۡتَقِیم دِینا قِیَما مِّلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [الأنعام 161]، ملة ابراهيم هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَیۡهَاۚ لَا تَبۡدِیلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [الروم 30]، هناك حقد شيطاني كبير على الأصل الواحد يريد تغييره ولا يرضى به ولا بالاستقامة ولا بالحقيقية المطلقة، دوما يحاول إقناع البشر أنه ليس عليهم الاستقامة بل عيش الحياة والتمسك بها غرورا فهي كل شيء، شغله الشاغل سحر أعين الناس وإبعادهم عن البعد الواحد، إبليس جل همه تبديل آيات الله وخلقه التي تصلك بالواحد، كما فعل بآية الذكر والأنثى أخذ بالعبث فيها ودعاهم لتبديل هوياتهم وجنسهم إلى أجناس خارجة عن الفطرة و الطبيعة، والفطرة هي الخلقة والنظام الأول هي الإرادة الإلهية، الله لم يجعل في إرادته الأولية الشر، فلا يوجد مخلوق يخلق بشره أو جبل عليه، وإنما الشر بعد وتمسك بالهوية والأنا، تمسك بالرغبة والحياة الدنيا وهذا ما يجعل من المخلوق شريرا، هذه الفطرة مستقيمة جاءت مستقيمة من الواحد، لو طابقت هذه الفطرة ستعود إلى الواحد بشكل مستقيم مطابق للاستقامة الأولى، وهذا هو معنى خلق آدم على صورته أو خلق الكون على صورته ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [التغابن ٣]، الاستقامة تعبر عن نسخة بواسطة انسحاب هندسي، فآية الحق هي الاستقامة لأنها الحالة الأولية لكل شيء، أما التموج فهو طريق الباطل، والبحث عن الأبعاد بحث عن تشوهات وإبتعاد عن المشكاة التي انطلق منها النور ﴿ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰة فِیهَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِی زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَب دُرِّیّ یُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَـٰرَكَة زَیۡتُونَة لَّا شَرۡقِیَّة وَلَا غَرۡبِیَّة یَكَادُ زَیۡتُهَا یُضِیۤءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَار نُّورٌ عَلَىٰ نُور یَهۡدِی ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیم﴾ [النور 35].
تزييف الحقيقة بالوهم والسحر
كل من كان قريبا من النور فهو صالح وكل من بعد فهو فاسد قابع في الظلمات، ومهما خُيل له أنه في النور إلا أنه في نور مزيف لأن قدرة إبليس تكمن في التخييل وفي تزييف الحقيقة واستنساخ كل شيء، كما حدث في حكاية موسى والسحرة﴿قَالُوا۟ یَـٰمُوسَىٰۤ إِمَّاۤ أَن تُلۡقِیَ وَإِمَّاۤ أَن نَّكُونَ نَحۡنُ ٱلۡمُلۡقِینَ(115)قَالَ أَلۡقُوا۟ۖ فَلَمَّاۤ أَلۡقَوۡا۟ سَحَرُوۤا۟ أَعۡیُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَاۤءُو بِسِحۡرٍ عَظِیم(116)وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ(117)فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ(118)﴾ [الأعراف 115-118]، فالسحرة لما ألقوا سحروا أعين الناس وجاءوا بسحر عظيم وهؤلاء السحرة هم وكلاء الدجال، يخيلون للناس أن خلاصهم يكمن في الإبتعاد عن الأصل، ودوما يحاولون إبعادك عن الأصل بشتى الطرق كقولهم أن أصلك من النجوم والأبعاد البعيدة، وإدخال فكرة الحيوات السابقة، وقد يستدلون على التناسخ بآية ﴿قَالُوا۟ رَبَّنَاۤ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَیۡنِ وَأَحۡیَیۡتَنَا ٱثۡنَتَیۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوج مِّن سَبِیل﴾ [غافر 11] وكذلك ﴿كَیۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَ ٰتا فَأَحۡیَـٰكُمۡۖ ثُمَّ یُمِیتُكُمۡ ثُمَّ یُحۡیِیكُمۡ ثُمَّ إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [البقرة 28]، في كل الأحوال فقد ذكر الله حياتين وموتين فقط لا أكثر فأين التعدد هنا، والمقصود بهما هو النشأة الأولى من الأرض، وأخذ الميثاق من بني آدم ليشهدهم على أنفسهم بأنه ربهم، يقول تعالى﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ﴾ [الأعراف 172]، فليس هناك تعدد للحيوات يقول تعالى ﴿قُلۡ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِی رَبّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَیۡء وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَیۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَة وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ﴾ [الأنعام ١٦٤]، ونفهم من هذا أننا سنعود إلى الله فكيف يؤمنون بالحياة السابقة، ﴿وَكَانُوا۟ یُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِیمِ (46)وَكَانُوا۟ یَقُولُونَ أَىِٕذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابا وَعِظَـٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ(47)أَوَءَابَاۤؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ(48)قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَوَّلِینَ وَٱلۡـَٔاخِرِینَ (49) لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِیقَـٰتِ یَوۡم مَّعۡلُوم (50)﴾ [الواقعة 46-50]، إن كان البعث هو التناسخ لماذا يقول الله أن الأولين والآخرين مجموعون إلى ميقات يوم معلوم عودة إلى الله كي ينبئهم فيما اختلفوا، إن البعث يفضي إلى الحشر ويوم الدين، يتكلمون عن الانتقال إلى الأبعاد والموجات انكارا ليوم القيامة لأنهم لا يريدون الحساب، والحساب حق، ولله وحده الحق في أن يحاسب كل الخلائق وعقليا ذلك جلي لأنه هو الواحد أو البعد الواحد، هو الأعلى ولديه الرؤية الواحدة وهو المَعْلَم ومنه انطلقت الأبعاد جميعها، بعيدها وقريبها، هو المعيار وهو الذي يحاسب.