دور السلام في التحرر من اللاوعي والوصول إلى الوعي
إن التحرر يكون بالمصادقة والمصارحة سواء على مستوى الفرد أو الجماعة، وأول خطوة لتحقيق التحرر هي الإعتراف، اعترف بنقصك واعترف برغباتك وحبك للحياة تقبل الآخر حتى تستطيع التعايش بشكل طبيعي، تحرر جنسيا ولا تكابر لأن المكابرة من الغرور، إن كنت تحب الحياة اعترف بذلك و تعلم كيفية التعامل معها، وتقبل معطيات وأقطاب الحياة لأن هذا الاعتراف يترك لنا مساحة تمكننا من التعايش مع بعضنا، أما الانغلاق فيسبب العكس.
إن كنت منغلقا رافضا للآخر وللاختلافات بينكم فما الفرق إذن بينك وبين إبليس الذي صرح بقوله أنا خير منه ويبجل غرور نفسه ومصلحته على الآخر فلا يراه إلا وسيلة لتحقيق رغباته ولا يعترف بوجوده، الله كامل الملك والقدرة لم يُخضع الخلق في ناموس واحد بل جعل لهم سننا شتى ومظاهر ولغات وأشكال وألوان مختلفة... بعدها يأتي شخص بلسان إبليسي يتكلم بكلام شمولي متطرف داعيا لإلغاء الآخر، بأي سلطة يأمر بذلك فهذه الصلاحية يتمتع بها الله وحده لكنه لم يستعملها وقد سبقت إرادته أن يحق الاختلاف رغم ذلك نجد البعض يطلب باستواء الصفوف في أمر واحد وتوحيد الاختلافات قهرا ورفضا للآخر.
التصرف مع المحركات اللاواعية
التحرر لا يكون بإلغاء المحركات اللاواعية في الإنسان لأن إلغائها يؤدي لانتهاك قوانين الطبيعة ولو كانت قابلة للإلغاء لما وجدت فينا ومنحت لنا، لا تقع في فخ التخلي عن الغريزة لأنك إن خرجت عنها خالفت الإرادة الكونية الإلهية، كالذي يريد التغلب على غريزة الجنس بالتوقف والامتناع عنها هذا الأمر يؤدي إلى موت هذا المحرك فيه، و الأمر نفسه في حالة الإلغاء المشاعري والانكار التي تؤدي بك إلى قتل محرك آخر ضروري لكمال الحياة، لهذا يجب أن تقوم بالاعتراف بتلك المحركات لحيازتها على دور أساسي في الحياة ومن دونها لن تستقيم ، ويجب عليك أن تحقق التوافق والتناغم بينها ولا يكون ذلك إلا بالوعي، حينها تدخل في حالة من التناغم والسلام التي تحدث عندما تتناغم المحركات مع بعضها في حركة متناسقة فيما بينها ممثلة لحالة العشق فيحصل نظام وهذا النظام هو التناغم وهو الذي يعطي معنى للحياة، وقد بينا سابقا أن مدخل الوصول للتطهر والكمال والخلاص هو تصحيح المسار و تحقيق مبدأ السلام، و السلام يدعوا إلى الجمع بين المتقابلات في تناغم وتناسب، وإن طغيان أحد الطرفين على الآخر يؤدي إلى حالة من الحرب وفقدان الأمان.
القوانين و المجتمع
والأمر نفسه بالنسبة للمجتمع فالقوانين بالنسبة له هي كأوامر ووحي الروح بالنسبة للفرد، ولا يقوم مجتمع إلا بقوانين عادلة، تلك التي تحدث تناغم بين فئات المجتمع، فلا نجد فئة مهمشة وأخرى غالبة، و لكل فرد من الأفراد حق في ممارسة مواطنته وممارسة حريته في إطار احترامه لحرية الآخر ، وهذه هي حالة السلام والتناغم في المجتمع حيث يكون القانون حارس وآمر قهري على الذين يفسدون هذا التناغم ويحدد عقوباتهم، كذلك يفعل الله بالمجرمين لأنهم يعرقلون النظام الكوني والمسار الصحيح والمسالم لأن لو تركهم لأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فوجب قطع عن هذا الفساد.