ماهية القلم

G.M HERMES
0

القلم من التقليم و هو التعديل و التمييز، قلم الفلاح الشجرة أي قطع فروعها الزائدة و ترك أغصانها الأساسية وبذلك عدلها و ميزها، فالتقليم مهم جدا لتأخد شكلا جميلا و صحيا، لذلك فالقلم هو الذي يكتب الأقدار في اللوح المحفوظ، و هو يربي الخلائق بحكمة المربي الذي هو الله، فالقلم يكتب لك قدرا يميزك عن غيرك و ذلك بأن يمنع عنك أشياء و يترك لك أشياء وهو أفضل حل لكل إنسان كي لا يضيع في عشوائية العبث، كالشجرة التي تكون كثيفة لكنها عقيمة فيكون حلها التقليم و التطعيم فـ { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } سورة إبراهيم الآية (25)، كذلك عمل القلم فيك ينزع عنك الكثرة لتستطيع تكوين الثمرة التي فيها الجوهر، لذلك فالأقدار تسطر مسارات الكائنات بالحكمة الإلهية كي تثمر و شرحنا في ما سبق أهمية الإثمار لأن فيه صلاة بالتجلي النووي لله (التجلي الإلهي الأبدي الوحداني النوراني) حيث أن أسماء الله الحسنى لها صوت و لها رسم يتجلى في الماء، و الإسم الإلهي ثمرة و قشورها تجلياته و لبها بذوره، و بإدرك نواة الإسم و تحقيقها في النية و تجسيدها باستعمالك للماء تثمر و تحصل على المراد.

إذا كان العرش هو أحكام السلطان و العرش هو الأساس و القانون، كما أن كلمة يعرش في تصريفاتها يبني و يأسس و يشرع، كما أن الشرع و العرش وجهان لعملة واحدة، فشريعته مكتوبة في اللوح المحفوظ الذي هو الذاكرة الأزلية أو سجلات الآكاشا، فالقلم هو كاتب تلك الأحكام في اللوح المحفوظ، و هو الذي يربط الأسباب بالنتائج و يعنون التجارب، و يضع المسارات، حيث أن الماء يأخد أي مسار ترسمه له، كما أن وضع الكتابة بالماء لها فعالية لأسماء الله الحسنى بشرط أن يكون مداد الكتابة فيه حياة كرحيق الورد أو ماء الأشجار.
فقد قلنا أن الماء يستجيب للكتابة أي أنه يحفظ المسار الذي رسم له، و منه فالقلم يسطر للناس كل شيء، و علم الغيب عنده مكتوب، و لكي لا يحصل الجدال و المراء، أعطى لكل شيء عدله و قدره، و مهما ادعيت أنك تعرف أفضل منه فلست كذلك، لأنه الأعرف بالعلم الأزلي و أعلم بما أفضل لك.
وقلنا أن الرحمن هو الصلة الجامعة التي توحد و تقطع، مشتق من كلمة "رحم" وهو الصلة بين كيانين او أكثر، و أنه - أي الرحمن - يداي الله (العطاء و المنع) يداي الله بالقلم أعطت و منعت، مثال الفلاح الذي يقلم الشجرة أحسن مثال، كلنا نحن نوع واحد ( انسان ) لكننا لم نقلم بنفس الطريقة، أعطاني هذا و منعني من ذاك و في هذا حكمة بالغة.
إعلم أيها السائر في طريق البصائر أن الله خلق الكون طباقا، فإن أدركت حكمة في الأعلى فهي ذات الحكمة في الأسفل و هذا معروف عند الهرامسة بأن { ما يوجد في الأعلى جبرا عليه أن يوجد في الأسفل }، فالكتابة تحفظ المسار حيث أنها تقييد أو رسم لمسار معين، و إذا حققت شروطا فكل شيء تكتبه تقدره، لذلك نحن نتكلم عن القلم، وقد أدرك المصريون القدماء هذا فسطروا في أهرامهم، رغم أنك لا تستطيع تغيير العنوان الرئيسي لكنك تستطيع الإستفاضة و التغيير في العنواين الفرعية.
و اعلم أن الله يصف أفعاله لتفعل على مستوى حياتك مثله، فإن عدل اعدل و إن رحم ارحم، و إن كتب أكتب و هكذا.
إنتهى.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)