النفخة الروحية ميزة للانسان
يقول تعالى﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا﴾ [الإسراء 85]، وهنا ذهب الغالبية إلى القول أن الله لم يبين لنا ما هي الروح، ولكن ذلك مرموز في الآية، حيث تبين أن الوحي بالكلم من عالم الأمر الإلهي، والروح من عالم الأمر لأنها من أمر ربي، وهي العلم والملكة لفهم العلامات واستعمالها تركها الله فينا للعودة إليه، وقوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا لأن الله نفخ فينا من روحه فتلك النفخة ليست كل العلم بل جزء منه.
الإنسان خلق ناقصا وسعيه في الحياة للتنزه والتطهر والعودة إلى الحق وتوحيده يتطلب فهمه للرموز الإلهية من أسماء وأفعال وصفات حتى يهتدي، لهذا وُهِب الروح التي تمده بقابيلة فهم الرموز وكذلك الترميز، ولو قارناه بالملائكة لوجدنا أنها منزهة وأكثر اكتمالا من الإنسان فلا تحتاج للروح حتى تهتدي، ومثال عقلي آخر على أن الانسان اختص بالروح والقابيلة لفهم الرمز دون غيره يظهر في الفرق بينه وبين الحيوان وهو الكلمة والنطق وفق نظام لغوي محكم، فاللغة التي تميز بها الإنسان هي نظام مجرد من العلامات والرموز ويتأسس هذا النظام على العلاقات التي ترتبط بها العلامات لتشكل نظاما عاما يشكل مخزونا ذهنيا بين أفراد الجماعة اللغوية، وهذه القدرة على الترميز في الكلمات واستعمال الرموز وفهمها هي من عمل الروح لهذا فالإنسان دون غيره اختص بالروح.