هناك بث صوتي أسفل المقال
البحث في أسس وجود الكون ومعنى وجودنا
كل شيء في هذا الكون قائم على أساس وثيق، فكل شيء مبني على أساس وثيق ليحقق غاية معينة، هدف معين، والكون بحد ذاته غايته هي الاستمرارية، فهو يريد أن يكون ولا يريد أن يزول، وهذا ما يدفعه لأن يفيض في كل لحظة بصورة جديدة. والذي يفيض هو الكامل أما الناقص فلا يفيض، ولهذا كل شيء في هذا الكون مهندس على حقيقة معينة. حيث أن الهدف هو الذي وضع الأسس، فالهدف أو الغاية هي التي تخلق الأسس، و بما أن كل شيء في هذا الكون له هدف من وجوده، له غاية من وجوده، إذن له أسس.
البحث عن الغاية المحددة والابتعاد عن العشوائية
لا تجعل العشوائية والعبثية طريقك، فهي تمثل اللاغاية، واللاغاية تمثل اللاأسس، لأنك سوف تضيع ضياعًا حتميًا، ولن تأتي بنتيجة أبدًا، وستقر في نفسك بعد ذلك أن كل أمر فعلته بعبثية لا يعنيك ولا تريده، لأن هذا من غياب الغاية، وهذا هو الوهم، فالوهم يمثل اللاؤسس العشوائية، فهو لا يعطينا نتائج حقيقية أو واضحة عكس الكون تمامًا.
العلاقة بين الكمال و النظام الكوني
الكمال هو الذي يسوق الأسباب والدوافع كي تعود إليه، هناك دوافع تصلك بالغاية، وهناك دوافع أخرى لا تصلك بالغاية، فالكمال بحد ذاته هو الغاية. الله خلق الكون في نظام كامل، في نظام لا يخطئ، وهذا الكون تجلى في الإنسان، والمطلوب من الإنسان هو السعي إلى كماله.
والسعي لكمال الإنسان يتم عن طريق محاكاة نظام هذا الكون، بحيث يربط بين الأسباب والنتائج، حيث يخرج من دائرة العشوائية إلى دائرة النظام والصلاة. و إذا وجدت دوافع داخلك لا تسوقك إلى الكمال، إلى السمو، إلى القداسة، فتخلص منها، فهي ليست سوى نزعة سفلية تأخذك للهاوية.
الإنسان الذي ينغم نغمته، هو الذي يقدم إنطباعًا أو وجها من أوجه الله، وكلما قدم كلما نال، لذلك إن كان الإنسان في علم فليتصل بتيار العلم.
مفتاح الكمال الغاية الصحيحة
صاحب الغاية الصحيحة يمكن أن يكتمل، والذي ليس لديه غاية لن يصل إلى أي شيء، ولن يصل إلى الإشباع، حيث أن حياته ستمضي عبثًا. كل شخص لديه رسالة خاصة به، كجزء، وهذه الرسالة هي النغمة، هي التي تصله بالكل، وقيامك بنغمتك كجزء هو تواصلك معه، والذي يعطي لحياته مغزى ومعنى، يتواصل بالله.
إبليس المتمرد على الإرادة الإلهية
ومن ترك حياته لمضاربة العشوائية والعبث لن يتواصل إلا بالوهم بالشيطان، الذي يخرج عن ماهيته ومغزاه ومعناه. وكماله يصل في الأخير إلى الشيطان، وهو الوهم.
الشيطان هو الأنانية التي تولد الغرور، الطمع، والجشع، والكسل، وغيرها من الخطايا، ولذلك الغرور هو خروج عن غايتك، واعتقاد وهمي بأنك شيء آخر، والذي يقلب الفطرة، أي يخرج عن النظام الكوني، فهو يسير في درب الشيطان، درب الأنانية.
إبليس الذي جعل من ذاته محوراً لكل شيء، وحسب نفسه كل شيء، هو الملعون، هو المحروم من الاتصال بالله، وهو من حسب نفسه كاملاً، ولكنه ليس سوى عشوائية، والعشوائية لن تؤدي إلى أي شيء، ولن تعطي أي نغمة أو أي غاية.
إبليس الذي أراد أخذ كل شيء بدون أن يقدم أي شيء، وهذا خطأ، إن لم تقدم لن تأخذ، وسيبقى دائماً يعود إلى الصفر. إبليس هو الراعي الرسمي لهذه الحركات التي تخالف الفطرة، التي تخالف الكون، لأنه لا يستطيع أن يتماشى مع الكون، كأنه كائن مظلم جالس في زاوية، محروم من كل شيء.
إبليس الذي أراد معاكسة التيار، فدخل في حركة عشوائية بدون أي غاية، لأنه خالف التيار، أي إن إبليس هو الكائن الذي عارض الإرادة الإلهية فتمت معاقبته.