الأشباح في عالم الليل تمتص الإرادة الإنسانية

G.M HERMES
2

هناك بث صوتي أسفل المقالة

وحدة الكمال 

وحدة الكمال هي العلاقة المثالية بين الأضداد او النقيضين، فهي العلاقة المثالية بين الأبيض و الأسود، و بين الأنثى و الذكر، و بين السلام و الحرب، هي الوفاق بين المتخاصمين و المنتصف. هي العدل و الميزان و القسطاس وهي المبتغى الذي يريده كل ذكر تحقيقه مع انثاه و يريده كل صغير يحاول تحقيقه مع كبيره و هي مبتغى كل شيئين 
متصلين في هذا الكون يحاولان تحقيق وحدة الكمال. 
النور أتى من الأبد ملتقيا بالأزل محققا بذلك الوقع و الواقع، و الانسان مركزه هو المنتصف اي مركزه كمركز وحدة الكمال، و الانسان يمثل وحدة الكمال أي أن الانسان بذاته هو الصلة المثالية بين الكون ببعضه البعض. هو اللقاء الذي التقى فيه المستقبل بالماضي في اللحظة، فالإنسان يمثل اللحظة أو الآن.أي أن الإنسان يمثل حضور الرقابة الالهية و الرقابة الإلهية هي الوعي. و الإنسان يمثل الوعي في هذا الوجود حيث لا شيء في هذا الوجود يملك الوعي إلا الإنسان.
الإنسان يمثل اللحظة الراهنة و بذلك يمثل وحدة الكمال.

 

الاشباح و علاقتها بالليل 

تعاقب الليل و النهار يقوم على مثالية دقيقة جدا يمكن تسميتها وحدة الكمال لأنها الصلة المثالية بين الليل و النهار. و ما دام مقام الانسان هو وحدة الكمال (الوعي بين المستقبل و الماضي) فمقام الاشباح يكون في الماضي. و دوما ترتبط فكرة الاشباح بالماضي. واذا اقترنت فكرة الاشباح بالماضي فهذا يعني اقترانها بالليل.

القرين (الظل المرافق لكل إنسان) يعتبر الجانب الخيالي لكل انسان، فأزمة الجدال بين إبليس و الإله قائمة على هذا التساؤل: "لماذا اخترته للظهور و تركتني للضمور؟" وهذا لب الاختلاف و جوهر الجدال "لماذا هو ظهر و انا لم اظهر؟" لذلك قلنا ان الأشباح(القرين، الجن...) تعيش في الظلال وتستمد قوتها من الظلام. لهذا قلنا بوجود علاقة وطيدة بين الليل و الاشباح. 

وهذا الليل الذي نعيشه نحن ليس ظلاما بحتا بل هو ظلة و ليس ظلام دامس لوجود القمر المنير و النجوم في الليل. فالليل ليس هو الظلام التام بل هو ظل. 
جوهر الجدال بين الإنسان و إبليس في اختيار الارادة الالهية للانسان كوسيط  بين الارض و السماء كي يحقق الصلة بين الارض و السماء و بين الماضي و المستقبل و بين السبب و النتيجة. مقام الوساطة و الخلافة و الظهور و العدل. 

إبليس مشكلته انه اراد ان يظهر، لكن الارادة الالهية نفته عن الظهور لذلك ترى القرين في كل انسان يحاول الظهور بشدة، و يحاول ان يبوء بالظهور، حيث يحاول ان يغلطك و يضعفك و يخبرك انك لا تستحق الظهور وان افكاره هي التي تتسحق ان تطرح و ان افعاله هي التي يجب ان تفعل. 

القرين يحاول ان يطعن في ظهورك، بمعنى أدق يهدف إلى طعن منطقك في توسطك بين السبب و النتيجة. فالمنطق هو الآلية الصحيحة بين السبب و النتيجة. و القرين يتدخل هنا ليعطي حلا آخر خاصة عندما يجدك فاشلا او ضعيفا في ظهورك و منطقك و كمالك. يتدخل ليعطي جانبا خياليا لظهور. و الاشباح تستغل الفرصة في الليل لتقوم ببرمجتك و ابداء وجهة نظرها. 

الأرق و عدم القدرة على النوم هي مظاهر عامة لتسلط القرين على الإنسان، لأن القرين يحاول ان ينسج حياة خيالية في ذهنك و يخدعك انك تعيش حياة متكاملة و انت في الحقيقة لا تحيى اي حياة بل انت منعزل و فاشل في نظر الكون، لانك لا تفعل أي شيء. 

الإنسان المتكامل له القدرة على إبداء الحق وعلى التكلم بالمنطق و العقل وله القدرة على الصنع و الخلق و على تغيير الأقدار... أما القرين فلا قدرة له على ذلك، و لهذا لم تختره الإرادة الإلهية. 

إبليس هو المتمرد على الإرادة الإلهية في إختيار الإنسان كوسيلة لظهور أسماءه. فنور الشمس أصفر و سمائنا زرقاء ولن تكون زرقاء إلا بوجود الإنسان كما أن الإنسان لن يكون موجودا إلا بزرقة السماء و هذه الكواكب و الذرات ...الخ و الله إختار الإنسان كي يبديي مشيئته، و مشيئة الله فاعلة منطقية عاقلة لا يشوبها اي وهم و اي لبس فالإنسان عندما يفعل يصنع شيئا او يتكلم بالحق يحاكي الله (إن صح هذا التعبير) في أفعاله، عكس القرين فهو يعطي جانبا خياليا غير منطقي، و هذا كله في الليل. 

فعلاج كل من تسلط عليه قرينه هو نور الشمس. فالشمس تقضي على الظلال والأشباح. و حتى تعرف إن كان قرينك متسلط عليك او لا، عليك أن تخرج الشمس صباحا و لاحظ ان إنتابك النعاس و الخمول فأعلم أنك معكوس وهذا يدل على أن القرين مسيطر عليك. لأنه في الحالة الطبيعية لكل موجود هي الازدهار و النمو في  حال رؤية الشمس و الخمول حين ذهاب الشمس، وهذه سنة كونية. حيث نجد النباتات يتباطئ نموها و تكاثرها في فصل الشتاء و العكس في فصل الربيع، كما توجد حيوانات تلجئ لسبات في فصل الشتاء و غيرها من الحالات المشابهة في الطبيعة، لهذا  اعتمد على الكون في فهم الحكمة و لا تعتمدوا على الخلوات الشيطانية.

إن الذي لا يفضل الشمس، فالشبح أو القرين مسيطر عليه، و القرين هو من يشعره بهذه المشاعر، و الإنسان مسجون في خياله. 
نور الشمس يقضى على هؤلاء الأشباح. و لا سلطة له في الظهور و هذا اكبر برهان على أن نظريتي بخصوص الظل و النور صحيحة كما يمكن تطبيقها و اعتمادها على أرض الواقع. 

مستقبل العالم و ما يحاك في الخفاء. 

خطة إبليس ليحكم هي أن يضع الجميع في الظلام لأن لا سلطة له في النور و السلطة الظلامية الوحيدة التي يمتلكها هي الوهم و المعتقدات البالية و النزعات الشاذة، حيث يستطيع إبقاءك في الظلام و يؤثر عليك بالأوهام و يجعلك تفني نفسك بنفسك، فهو يريد للبشرية عامة ان تدخل إلى الظلام و لا يريد منهم ان يخرجوا إلى النور لان إخراج البشرية إلى النور لا يجعل من سطوته سطوة، يختفي تأثيره مباشرة. حيث نجد الذي تسلط عليهم القرين كثيروا الشرود و الخمول و ذو ملامح شاحبة و كثيروا الضجر و كثيروا الغرور حيث توجد متلازمة محكمة بين سهر الليل و الغرور. 
عند شحوب اللون و قلة الدماء بسبب مص الدماء من طرف الاشباح عبر التأثيرات الليلية تجد المسيطر عليهم لا يعترفون بالروابط الدموية في الاسرة... يعني عندهم اضطراب مع الوالدين او الاخوة و يشعرون بنفور عجيب منهم.
وهناك عرض لا شك فيه وهو ان الانسان المريض يراقب ظله أثناء النهار و لا يستطيع منع نفسه من التحديق به و تغيير مشيته او جلوسه حسب شكل الظل.
حيث الشفاء من تسلط القرين لا يحتاج إلى أمور سحرية او ما شابه، ما عليك فقط هو النوم مبكرا و الاستيقاظ باكرا... و الأصح تصحيح علاقتك مع طاقة الشمس و النهار.
انتهى

إرسال تعليق

2تعليقات

  1. موضوع اكثر من رائع لم يطرحه ولا احد بهذه الطريقة شكرا لك فعلا مع دخول للوعي صار اتصلالي بخيال لا يفارقني حتى اني نسيت ان اعيش الحياة وصرت كسولة ومنهكة واحيانا لا اقوى على الحراك وعندي فقر دم ولا شيء ينفع معه منذ سنتين تقريبا لا دواء طبيب ولا دوا عرب لكني كنت ارضع واربي منذ ثلاث سنوات ولا ارقد كما الناس الله المستعان شكرا لك ممتنة

    ردحذف
    الردود
    1. طغيان الخيال على الإنسان يفقده جميع قدراته الروحية

      حذف
إرسال تعليق